عمر أوشن – كود//
أتاح لنا لقاء طنجة لحظات ثمينة أنصتنا فيها إلى تجارب صحفية وإعلامية مغربية مهاجرة.
ندوات المنتدى المغربي الدولي للإعلام والاتصال من تنظيم الجمعية المغربية للدراسات والأفلام الوثائقية بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال كانت قشدة صيفية منعشة للذاكرة و الأفكار والروح في صهد هذا الصيف.
حرارة لقاء من تفرقوا في أرض الله الواسعة منذ أكثر من عشرين سنة غلبت حرارة الطقس.
عادت بي الذاكرة وأنا أستمع الى مداخلات أنس طموح عن تجربته في موسكو وتجربة أيمن الزبير مراسلا للجزيرة في مدريد الى الموجة الأولى للهجرات : محمد ذو الرشاد وأنس بوسلامتي ونصر الدين الحسيني ومحمد العلمي وبعدها الحركة الإنتقالية اللاحقة محمد عمور وخالد الذهبي. عبد الرحيم الفارسي .. محمد البقالي ..هاشم أهل برا.. محفوظ كرتيط وأنس بنصالح وفي الصحافة المكتوبة حاتم البطيوي والأديب الصحافي حكيم عنكر وغيرهم مراسلي لاماب حسين بوكيلي في القاهرة وبيروت وأحمد الطاهري وخالد الشاتي وعبد الكريم المالكي و عبد الكريم مفكر و عدد كثر من صحافيين وفنيين ومخرجين..
الطيور المهاجرة تهاجر لكنها تعود الى أعشاشها.
الهجرة كانت دائما بدافع أسباب مختلفة كما في كل العالم .هناك من شعر بأن المياه تتلوث والهواء يفسد مع “رقابة ناعمة” فكان الهرب بحثا عن جو أنظف لحريات التعبير..لكن جماعة أخرى وهي الغالبة هاجرت بحثا عن الرزق وتشذيب كفاءات وتبدالالمنازل رحمة.
الصحافي يصاب بالتخمة والملل لو قضى عمره كله في نفس الدكان. يكرر نفس الديسك.
ما وقع لنا في المغرب هو التطبيق الرديء لشعار مطرب الحي لا يطرب..ولذلك بحث من هاجر على فضاءات أخرى يمكن للممارس أن يصعد ويتألق و يفصح مواهبه بشكل أكثر قوة. وهذا ما حصل.
هل نحتاج الى ذكر كل الاسماء؟ يلزمني كناشا خاصا..
مغاربة العالم ليسوا فقط نجوم الكرة و منتحبون في البرلمان ووزراء. مثل رشيدة داتيو نجاة بلقاسم.. مغاربة العالم هم أيضا صحافيون وصحافيات برزوا في المشهدولعبوا البطولة الإحترافية مثلما فعل نورالدين نيبت وبادو الزاكي وعزيز بودربالة والممثل سعيد تغماوي وحميدو وغيرهم .
الكفاءة المغربية ستكون على محك الواقع وستثبت بالملموس أننا نملك طاقات تشرف زو أن مطرب الحي في الصحافة يطرب فعلا و لا يقل موهبة من عزيزة جلال و سميرة سعيد و من تبعهم ..و كما يهاجر لاعب كرة أو مدرب مثل عموتة إلى قطر ينتقل الصحافي و الصحافية المغربية للعب في بطولات أخرى . هنا تحت هذه السماء و في هذه الأرض التي نحب صار الدخلاء يتحكمون في القرار بدل المهنيين.
من أجمل اللحظات في لقاء طنجة أن تلتقي مع من يقطن معك الرباط و لا تعثر له على أثر: الصحافية خديجة العامودي وأغنية جينيريك وجع التراب ونادية أبرام العائدة من برلين و سميرة مغداد و رشيد الصباحي ومحمد السراج ثم عثمان النجاري وقد إشتعل رأسه شيبا ..عبد الله الدامون السينارسيت وكاتب لا كرونيك الرائع وخالد الذهبي وعادل الزبيري بحماسه المهني وشكاويه من محن “الكهربائيين ” ومريم الحجوجي الإعلامية الباحثة وأستاذنا أيام الدراسة طيب بوتبقالت وعبد اللطيف بنصفية بطيبوبته التي لا يزعزعها منصب المدير وغيرهم من زمن العنفوان..
اليوم يعرف المغرب موجة أخرى مكثفة للمهندسين والأطباء الذين وقفوا يتدافعون مع العاطلين عن باطيرا و فانطوم ..هل نكمل السفر و تنبع من سبقنا ؟
أسئلة طرحها اللقاء .هل نملك عصبية مغربية بين الممارسين في الخارج .؟
هل يدافع المغربي عن أخيه أم خوك في الحرفة عدوك؟
كيف ضاعف المغرب طاقاته المهنية صحافيا وفنيا بسبب الهجرة ؟ .
كثير من الصحافيين أعرفهم اختاروا ” قطران بلادي و لاعسل بلادات الناس” لكن الأسباب تختلف..المهاجر مثل الغائب حجته معه..
الحالة في المغرب ليست على أحسن حال والمسؤولية ليست الدولة وحدها من يتحملها ..و الاعتراف يلزمنا القول: إن من يركب السفينة هم أنفسهم من يحفر في أسفلها لتغرق..
و هم فئة صارت تسمى النجارة و”التريسيانات” .. قطعان دخلت المهنة متسللة في فوضى و بسبب تكنولوجيا الإتصال فأختلط الحابل بالنابل ..و فكها يا من وحلها.
الملائمة لحد الآن لم تنجح؟ ومجلس الصحافة أمام امتحان عسير لترويض “الكهربائيين” ؟
أما الاحزاب فقد قدمت استقالتها من الصحافة منذ سنوات ..
أنتهى زمن صحافة الأحزاب وأدوارها الطلائعية والدليل الرقم الهزيل المخجل جدا ما تبيعه صحف كل الأحزاب مجتمعة ..
انتهت صحافة الأحزاب وجاء زمن صحافة مقاولة وصحافة قطاع خاص حرة وإعلام المال والتكتلات والأجهزة والأسماء “المستقلة” لكنها برونشي من شي محرك .
لحظة مضيئة أيضا كانت مع تكريم سعيد الجديدي الصحافي ورئيس التحرير في الراديو و التلفزيون الوجه المعروف المألوف لدى المغاربة لزمن طويل .
الجديدي كان مقدما لنشرات الأخبار بالإسبانية ومحررا ناشرا في لوماتان و لوبينيونو ترك بصمات قوية من أبناء جيله الذين مروا من التلفزيون.
حينما وصل الصحافي البارز سن التقاعد كانت المفاجأة البائسة له هي رسالة إدارية تلاقاها تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يشرفنا أن نخبركم أنه تم التشطيب عليك من الوظيفة بداية من التاريخ أعلاه.. وتقبلوا فائق التقدير.. شكرا على المشاركة.
الصحافة أكبر مهنة غدارة جاحدة . تقلب وجهها عنك بكل الصفاقة والنكران.
هي بنك بدون رصيد كما كان يصفها لنا دائما محمد هشام في دراسات السلك الثالث بالمعهد.
سأعرف من صديق يهتم بمراسلات الإدارة أن هذه الصيغة لم يعد جاريا بها العمل..
في التفاصيل الشكلية يكمن الشيطان..