كود – كازا ///
نشر منتدى فار ماروك المتخصص في أخبار القوات المسلحة الملكية، شهادة تاريخية للجنرال المتقاعد الناجي المكي على كواليس حرب الرمال وغضب الجنرال بنعمر من رفض استرجاع تندوف.
وقال المنتدى في تدوينة على فيسبوك، أن هذا التوضيح استقاه من وثيقة خطها الجنرال دوديفيزيون المتقاعد الناجي المكي، المفتش السابق لسلاح المدرعات، والذي كان من الأبطال الذين شاركوا فحرب الرمال تحت امرة الجنرال بنعمر بقطاع حاسي بيضا. حيث كان قائدا لتجريدة من المدرعات EBR وتجريدة من المجموعة الخفيفة للأمن GLS.
فيما يلي نص التدوينة اللي فيها تفاصيل دقيقة وموثقة عن حرب الرمال :
منذ أن انتهت حرب الرمال سنة 1963 بين المملكة المغربية والجزائر، فُتح المجال لكثير من الروايات القصص والأساطير، جلها للتذكير ببطولات رجال وقادة القوات المسلحة الملكية في مواجهة عدو عميل، ضعيف، أحمق وساذج. وإن كان جل أرشيف الحرب يؤكد على الانتصارات العسكرية للمملكة أمام من حاول اغتصاب أرضها، فإن العديد من أعدائها يختبؤون وراء الإشاعات والقصص المضللة للبحث عن وهم الانتصار.
ومن القصص المضللة التي يتم تداولها على نطاق واسع منذ عقود، ولازال بعض رواد وصانعي المحتوى بمواقع التواصل الاجتماعي يتداولونها، قصة رفض الجنرال ادريس بنعمر لأمر جلالة الملك القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، بالتراجع، أو طلبه منه السماح له بدخول تندوف، أو حتى رميه بلباسه العسكري ورتبه ونياشينه أمام جلالته كنوع من الاحتجاج. وهي قصة أقرب للخيال من أي شيء آخر. فلماذا؟
جرت أطوار حرب الرمال ميدانيا على 3 جبهات قتالية سميت بقطاعات عملياتية، على رأس كل منها عين الملك الحسن الثاني قائدا معينا. وقد كان الجنرال إدريس بنعمر قائدا للقطاع العملياتي حاسي بيضا، القطاع الثاني، والذي يبعد عن تندوف 320 كلم. في 27 من أكتوبر 1963، انتصرت قوات الجنرال بنعمر في القطاع العملياتي حاسي بيضا، وارسل لهم جلالة الملك رحمه الله رسالة تهنئة ملكية في صباح اليوم الموالي، حيث كان جلالته القائد الفعلي للعمليات من مقر العاصمة الاحتياطية، مراكش.
بعض القصص تقول إن الجنرال لم يستصغ أمر الملك بالتراجع بعد مفاوضات باماكو التي أفضت لوقف اطلاق النار وتشير إلى أن قوات الجنرال كانت على بعد “12 كلم” من تندوف، حيث كانت بعض الروايات الصحفية تشير إلى هذا الرقم زمن الحرب. غير أن لا أحد حاول الاضطلاع على خريطة للمنطقة لكي يرى أن المسافة بين حاسي بيضا وتندوف تقارب 320 كلم، وهي ليست بالمسافة الهينة بالنسبة لجيش تبقى إمكانياته اللوجيستية جد محدودة مثل المغرب آنذاك.
كما أن الجنرال كان عسكريا حقيقيا ورجلا متواضعا ومنضبطا لا يمكن أن يجادل قط في أمر عسكري من قائده المباشر، خاصة إن كان هذا القائد هو جلالة الملك الحسن الثاني. وقد جمع منتدى فارماروك عدة روايات من ضباط كانوا تحت امرة الجنرال بالقطاع العملياتي حاسي بيضا تؤكد كلها أن الجنرال لم يظهر أي إحساس سيء تجاه التطورات التي تلت انتصار 27 أكتوبر إلى غاية وقف إطلاق النار في 5 نونبر.
من جهة أخرى، فالروايات الصحفية في ذلك الزمن، التي كانت تتحدث عن بلوغ القوات المغربية حدود تندوف، كانت مليئة بالمغالطات. فتندوف كانت أقرب للقوات التي حاربت بالقطاع العملياتي الثالث بفم لحصن/ام الأعشار تحت قيادة الليوتنون كولونيل مولود النعيمي، والذي كان يقود عدة وحدات من القوات المسلحة الملكية منها وحدة مدرعة مجهزة بدبابات T54 السوفييتية ،كان يأتمر بها اللوتنون ابراهيم قياد. هذه القوات نجحت في طرد قوات الجيش الوطني الشعبي الجزائري من أم الاعشار بالقرب من الورقزيز ومن منطقة مرقالة أو فور مرقالة … هذه الأخيرة كانت على بعد…. 130 كلم من تندوف.
ورغم الحديث الكثير عن حرب الرمال فلا يذكر الكثير هذه الأسماء التي حصلت على أوسمة ملكية عقب الحرب لما قدمته من بطولات إلى جانب ضباط وعناصر قطاعي حاسي بيضا وفكيگ. وبالتالي فعناصر قطاع أم الأعشار كانوا أقرب لتندوف من رجال الجنرال بنعمر بقطاع حاسي بيضا، ومع ذلك فالناظر للخريطة يرى أن أبعد نقطة وصلت إليها القوات المغربية في جنوب الجبهات الثلاث كانت مرقالة والتي تبعد بدورها بين 122 و130 كلم عن تندوف.
وقد تغلغلت هذه القصة الخيالية حتى أصبحت جزءا من التراث الشعبي، ونرى أنها تسيء لتاريخ ضباط أعطوا الكثير للوطن ورمزا للانضباط العسكري، فكان لزاما نشر هذا التصحيح.