حميد زيد – كود//

يعود بنا نعمان لحلو في أغنيته الجديدة إلى الزمن الجميل.

إلى زمن كان فيه الإرسال يبدأ في السادسة مساء.

وبعد التشاش.

وبعد النشيد الوطني.

و بعد القرآن الكريم.

وبعد حصة الرسوم المتحركة.

كانت التلفزة المغربية تقدم مثل هذه الأغنية التي غناها نعمان لحلو.

وكانت أسماء المغنين كثيرة لكنها كانت تردد نفس الأغنية تقريبا.

و بتنويعات بسيطة على اللحن وعلى الكلمات.

ورغم أن الدولة تقول إن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.

فإن الفنان نعمان لحلو يرفض ذلك.

ويحتج على هذا الحاضر.

معلنا العصيان.

متشبثا بالأمس.

الأمس الذي لا يمكننا أن ننساه.

أمسنا الرائع.

أمسنا الذي كان فيه المغربي معتدى عليه.

و مقموعا.

و مضطرا إلى الاستماع لغناء لا يرغب في الاستماع إليه.

أمسنا الذي ترك ندوبا في كل واحد منا.

و متشبثا أيضا بالأغاني التي كان يعذبنا بها المخزن.

والتي كنا نهرب منها إلى الشارع

وإلى المهجر.

لكنها كانت تلاحق المغربي في كل مكان حل به.

الأغاني التي كان تطاردنا في أعيادنا الوطنية.

وتحاصرنا في البيت. وتتبعنا إلى المدرسة. وتخرج لنا من الراديو.

ومن الحفلات. ومن السهرات. ومن الخطأ التقني الخارج عن إرادتنا.

ومن السوق. ومن المقهى.

ومن زيارة ضيف كبير. ومن بين الشوطين.

ومن السبت ومن الأحد. ومن كل أيام الأسبوع.

حين لم يكن للمغربي مفر من مشاهدة قناته الرسمية الوحيدة.

ولم يكن بارابول. ولا أنترنت.

ولولا نعمان لحلو.

لما استطعنا الشعور بكل هذه الحنين. الممزوج بالفزع.

من أن تعود هذه الأغاني.

ولما تذكرنا ماضينا المرعب.

وتذكرنا تلك الأغاني التي لا يعرفها الجيل الجديد

ولما عشنا هذه اللحظة التي جعلتنا نشعر أننا في القرن الماضي.

وأن المغرب لم يتغير.

وبأغنية واحدة.

و بإقحامه للمدن التي غابت عن أن أغانيه السابقة.

وبمنحها موطىء قدم في رائعته الجديدة

كي لا تشعر مدن المغرب بالغيرة

استطاع نعمان لحلو

أن يأتي بالماضي البعيد إلى سنة 2025

وبالخوف

متحديا كل الشعارات

ومتحديا قانون التغير الطبيعي

ومتحديا مغرب اليوم. ضاغطا عليه. جاذبا إياه عنوة إلى الأمس.

جارا معه الجمهور

واللاعبين

والمغاربة جميعا

إلى سنوات الرصاص. وإلى زمن الأغنية الواحدة. عن الشخص الواحد.