حميد زيد – كود//

في بلاد كل الأحزاب فيها غير ديموقراطية، فإنه من غير المقبول أن يكون بيننا حزب ديمقراطي.

يتنافس فيه المرشحون.

و يصوت فيه المؤتمرون.

و يختارون قيادتهم بكل شفافية.

وبكل حرية.

هذا في نظري يعتبر استفزازا لنا جميعا من طرف حزب العدالة والتنمية.

كما أنه يشكل خروجا عن الجماعة.

ولو كان هذا الحزب يغلب المصلحة الوطنية.

ولو كان مغربيا حقا، ولا يعطي الأولوية للجماعة.

لالتحق بالأحزاب الأخرى التي تؤجل مؤتمراتها.

وحين تعقد.

يكون كل شيء فيها محسوما.

ويكون الرئيس مبعوثا إلى الحزب برسالة تزكية غير مكتوبة.

وبتوصية شفوية.

لكن حزب العدالة كعادته دائما لا يهمه الوطن.

ولا يهمه أن يتزعزع استقرار المغرب بديموقراطيته الداخلية هذه.

و بشذوذه السياسي.

و بانتخاباته.

وبتبرعات المنتمين إليه.

وفي وقت يلتحق فيه الناس بالأحزاب الأخرى طمعا في الحصول على المال.

وعلى المناصب.

وعلى فرص العمل.

فإن قواعد العدالة والتنمية يتبرعون بالمال من أجل حزبهم.

وهذا خطير.

ويخرق مبدأ المنافسة الشريفة.

ويهدد الأعراف المرعية، والعادات، والتقاليد الراسخة.

لأنه لو قام أي حزب منافس بنفس هذه الخطوة فإنه لن يجد من يتبرع له بأي درهم.

ولن يجد المنتمين إليه.

ولن يجد القواعد.

وهذا يعود إلى أن فلسفة الانتماء الحزبي اليوم في المغرب هي الأخذ.

وليس العطاء.

بينما يريد الإسلاميون اليوم تغيير فلسفة السياسة المغربية.

والانقلاب عليها بتصرفاتهم.

و بتنطعهم.

و بمقاومتهم.

وبرفضهم للالتحاق بمن سبقهم من الأحزاب التاريخية.

ولذلك فإنه ليس من المسؤولية السياسية والوطنية في شيء أن يحرج حزب العدالة والتنمية منافسيه.

ويحرج الداخلية.

ويوفر الدعم لنفسه من تبرعات المنتمين إليه.

الذين لم يبخلوا عليه.

و تصرفوا بدورهم بطريقة غير مقبولة في بلاد كل الأحزاب فيها تتشابه.

ولا قواعد لها حقيقية.

ولا من يخلص لها.

ولا من يستعد للتضحية من أجلها دون مقابل.

وبدل أن يلتزم العدالة والتنمية.

ويحترم طبيعة الممارسة السياسية في المغرب.

فإنه يتجاوز كل الخطوط.

ويحاول أن يكون ديموقراطيا.

ويتحدانا.

ويعقد مؤتمره دون دعم من السلطة.

في ما يشبه عصيانا حزبيا، ورفضا للامتثال للخصوصية الحزبية في المغرب.

التي صارت فيها كل الأحزاب تشبه بعضها البعض.

وصارت كلها غير مستقلة.

وتنتظر الإشارة.

ولا تعول على نفسها.

وقد كان “الديمقراطيون” المغاربة في الماضي، يرفعون شعار “لا ديموقراطية بدون ديمقراطيين”.

وكانوا غالبا يقصدون بذلك حزب العدالة والتنمية.

بينما تغير الوضع الآن.

وصار الشعار المرفوع في المغرب هو:”لا ديموقراطية مغربية بأحزاب ديمقراطية”.

وأي ديمقراطي فلا مكان له بيننا.

وأي حزب حر ومستقل فهو مرفوض.

وأي انتخابات داخلية شفافة فهي مرفوضة.

وتخلق الغيرة بين الفرقاء.

و الحزازات.

و تعرقل مسيرة النمو.

وتسيء إلى الأحزاب الأخرى التي ليس بمقدورها أن تعقد مؤتمراتها بشكل نزيه وحر وشفاف.

وباعتماد على نفسها.

كما أن هذا النوع من المؤتمرات تتسبب في الاحتقان السياسي.

وتجعل الجميع يركز على حزب في المعارضة يملك مجموعة برلمانية تتجاوز بالكاد أصابع اليدين.

و بينما تختفي الأحزاب الديمقراطية في المغرب.

مستسلمة.

خاضعة.

مقتنعة بلا جدوى الديمقراطية.

قانعة بالحصة الممنوحة لها.

يأتي حزب العدالة والتنمية

و ينكأ الجرح

ويرفض أن يتغير

وأن يتطور

وأن يساير الوضع السياسي المغربي

وبينما

نحقق كل هذه الإنجازات الاقتصادية والدبلوماسية في جو سياسي خال تقريبا من الديمقراطية

يحاول العدالة والتنمية بألاعيبه الديمقراطية هذه

العودة بنا

إلى الوراء

وإلى عصر كانت فيه الأحزاب المغربية

مستقلة

وكانت في خصام دائم بينها وبين الدولة

قبل أن يسود الحب السياسي

والانسجام

والاحتضان

الذي يجعل أي مطلب ديمقراطي

يبدو نشازا

ومحاولة للبروز ليس إلا

في مناخ غير ديمقراطي مستقر

وناجح

يحاول البعض بين الفينة ولأخرى زعزعته

بممارسات وسلوكات وأساليب ديمقراطية

عفا عليها الزمن

تجعل أصحابها

منبوذين

والكل يهجم عليهم بسبب نزعتهم الديمقراطية هذه

في بلاد

لم يعد أحد فيها ديمقراطيا

سوى

شرذمة

من الأصوليين والإسلاميين

الذين لم يتمكنوا بعد

من الاندماج

ومن الانخراط في هذا العصر اللاديمقراطي الناجح

ومن استيعاب المرحلة الأكثر ازدهارا في كل تاريخ المغرب

متشبثين كعادتهم بالماضي

وبأشياء لم تعود موجودة

في إنكار تام للواقع المبهر

ولما يقع فيه من معجزات

دون حاجة إلى هذه الديمقراطية التي يتبجحون بها.