حميد زيد – كود//
كنت دائما أسأل نفسي ماذا يفعل الحبيب المالكي مع إدريس لشكر.
ودائما كنت أقول لماذا يقبل هذا الوضع.
وهو من هو.
ولماذا يستصغر نفسه. ويتواضع. ويضحي بتاريخه. وبمكانته. وبسمعته.
كنت دائما لا أفهم الحبيب المالكي.
وذات مرة كتبت غيرة عليه أنه ولد كبيرا. ومع الوقت صار يصغر. ويصغر. ويضمحل.
ويوما ما سيجد نفسه مسؤولا عن الشبيبة الاتحادية في بجعد.
وأعترف الآن أني كنت ساذجا. ومغفلا. وعبيطا.
وأن الحبيب المالكي ذكي. ومتمرس. وكبير. كبير جدا. ولا يقف خلف إدريس لشكر لمجرد الرغبة في الوقوف خلفه.
ويتظاهر أنه يتبع إدريس لشكر.
بينما هو يتبع في الحقيقة نفسه. ويعتني بها. ويهيء لها المناصب.
ووسط ما يظهر للوهلة الأولى فراغا.
كان الحبيب المالكي. يرى امتلاء. ويرى فرصا. بضحكته الباردة والمحايدة.
وبصمته. وبعينه الثاقبة. التي ترى بعيدا.
وبوقوفه الدائم خلف الكاتب الأول. وهو في كامل أناقته. مستعدا لأي طارىء.
وبالبريانتين نفسه في شعره.
وبهندامه الأنيق. كأنه ينتظر دائما تعيينا. كأنه متأهب دائما. وعلى أتم الاستعداد. لينقض.
وقد كان الرجل يحدد أهدافه بدقة. ويقف في انتظارها. إلى أن تأتيه.
دون شوشرة. ولا ضجيج.
ودون أن يقلد إدريس لشكر. إذ كانه يكفيه أن يكون الرجل الثاني. وأن يقف.
يقف دائما.
وينتظر اللحظة التي ستأتي.
وقد أتته.
وسوف تأتيه في كل مرة.
دون أن ينتبه أحد إليه. ودون أن يحاسبه أحد. ودون أن يكثر اللغط حوله. ودون أن يتحول إلى موضوع في الفيسبوك. ولا في الصحافة.
وكان بارعا في أن لا يثير الاهتمام.
وفي أن يظل غير مرئي.
وكل ما يفعله. وكل ما يحققه. يكون بصمت. وبلا أثر.
وقد تذهب الظنون بالبعض ليقولوا إن المنصب الذي حصل عليه نجله كان بفضل الوالد.
وأن طارق المالكي صار مديرا للمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات لأنه ابنه.
وقد يقولون إنه استفاد من بريانتين الأب.
ومن لمعة الشعر
ومن وقفته التي لا تثير الشكوك
ومن هندامه
ومن وقوفه خلف إدريس لشكر
ومن رئاسته للبرلمان
وأن هذا الشبل من ذاك الأسد
لكنهم لا يعرفون أي شيء عن كفاءة طارق
ولا يعرفون أنه مهندس تلك المعجزة الاتحادية التي أدهشت كل الأحزاب وكل المنافسين.
وأنه مخترع 55 تدبيرا و555 كفى.
ومنذ ذلك الحين وهم يتربصون به. وينتظرون الفرصة المناسبة لأخذه من الوالد.
ومن الحزب. مقابل أي ثمن.
والاستفادة من تجربته في واحدة من أعرق مدارس الدولة.
ولذلك وقع له سعد الدين العثماني.
ولذلك اقترحه وزير الصناعة والاستثمار.
ولذلك فغر إدريس لشكر فاه
وضرب فخذيه بكفيه ولطم خده
وهو يتأمل قدرات الرجل الذي كان يقف خلفه صامتا
ومبتسما
وشعره يلمع.
أما الذين كانوا يصرخون ويستكثرون على ابنة بنكيران نجاحها في اجتياز مباراة في الوظيفة العمومية كمتصرفة من درجة ثانية. متهمين الوالد. ومحدثين زوبعة.
فلهم الحق أن يصمتوا اليوم. وألا يقارنوا.
لأنه لا مجال للمقارنة.
فطارق كفء.
وتجربته كبيرة. رغم صغر سنه.
وهو الذي هندس 55 تدبيرا و555 كفى وجعل الجميع يسخرون من الاتحاد الاشتراكي
كما أنه عضو في المكتب السياسي
ووالده صامت
وشعره يلمع زيادة
على عكس بنكيران الذي عيبه أنه يتكلم كثيرا
ولا يضع البريانتين
ويهتم بالكم
ويهمل أن سر النجاح في الوقفة وفي الهندام
وفي نظرة العين
وليس الأصوات
وليس المقاعد.