كود : عمر أوشن///
من أغرق أبناء بنسليمان في بحر بوزنيقة؟
و ما مصير المفقودين ؟؟
اللجنة ستفتح التحقيق ..انتظروا اللجنة..إنها ستعمل بكل تفان و مسؤولية لكشف الحقيقة كاملة ..
مثل كل اللجن ستبحث و ستبحث و ستؤسس لجنا أخرى موازية . و ستتفرع عنها لجنة أخرى و سننتظر ..نتتظر ..و ننسى .. رمضان في الطريق قريبا سيحل و
الناس سيشغلها بكاء القزابري أكثر من بكاء أمهات الضحايا ..
رحم الله موتانا و أطفالنا و غرقانا ..هل يكفي أن نعتبرهم شهداء ليخمد الألم الذي يمزق أفئدة الأمهات و الآباء و أسر المفقودين؟
الألم الذي يحرق القلب و يمزق العقل و يلقي بصاحبه في شعور فظيع باللاجدوى من الحياة كلها هو شعور غير مشترك ..شعور يجربه المكتوي بنار الفقدان الغادر..و لا يجربه شخص آخر يتفرج من بعيد ..
وحدها أسر و عائلات الضحايا و الغرقى و الذين ماتوا سيشعرون بالألم الحقيقي..و حدهم سيعرفون معنى أن تقول: ذهب الذين تحبهم ذهبوا..
سنتبادل العزاء و نغضب و نحمل المسؤولية ..لكن سيأتي النسيان و يزحف على الذاكرة ..
هناك من مضى يتحدث عن مثلث برمودا وعن الصدف التي جعلت المكان قبلة للموت ؟؟ وعوض أن يبحثوا و يحققوا في عين المكان و تبدأ عمليات الاستقصاء والبحث عن القصة الكاملة والرواية الأخرى اعتبروها مناسبة للحديث عن شعوذات ترتبط بالمكان؟
نحن شعب يعشق الشعوذة مثل كل شعوب العالم.لان الشعوذة هي الأسهل..لا وجع للرأس..
من طالب بالحقيقة الكاملة للحكاية سيجد الجواب الشافي تنطق به لجنة مفترضة..
اللجنة دائما موجودة لتنقذنا و تجيب عن أسئلتنا التافهة..
اللجنة وجدت لتؤسس لجنة أخرى ثم تتوالد لجن صغيرة أخرى و تنقسم إلى لجينات و تجتمع ثم تعود لتجتمع في قاعات مكيفة و تضرب لنا موعدا لاجتماع لاحق ثم بعده اجتماع آخر و هكذا دوليك حتى نفقد الذاكرة و ننسى كل شيء ..و قد ولد الإنسان لينسى ..
اللجنة أصلا ماكينة للنسيان و الوقت مع مرور الوقت ننشغل باشياء أخرى ..هاهو رمضان يطرق الابواب و ستشغلنا عن غرقى بوزنيقة المسلسلات الدينية و وصلات الاشهار و البطولة الوطنية للبكاء في المساجد و المنافسات الفتوجة لغقصائيات صلاة ..
رمضان قادر أن يجعلنا ننسى كل المحن و الكوارث و الفظاعات التي حصلت ..سيدوخنا البقدنوس و الكرافس و ستنزاحم في الأسواق و المخبزات التي تبيع الخبز الرديء وسنتدافع في المقاهي وكما العادة سنسمع عن جرائم جديدة خاصة بالشهر الفضيل كما يحدث كل سنة..اغتصاب جماعي لفتاة تاهت تحت ضوء القمر في قرية .. سرقات ونصب وقتل وذبح ..كل هذه القصص المثيرة ستجعلنا ننسى الذين غرقوا في بوزنيقة..و ننسى أن السلطة والحكومة لهم مسؤولية في ما حدث ..حين تركت بحرا خطيرا بلا مراقب ولا علامات خطر ولا هم يحزنون..
من أغرق أطفال بنسليمان في بحر بوزنيقة؟؟
انتظروا اللجنة فهي قادرة على الجواب المناسب في الوقت المناسب. كما فعلت مع من ماتوا حرقا في طانطان و كما فعلت مع من ماتوا تحت الأنقاض في الدار
البيضاء ..
ضعوا ثقتكم في اللجنة لأنها خبيرة و لها سوابق و تجارب محنكة..اللجنة موجودة لتشفي الغليل..و لتضع لنا حبة النسيان في قهوة الصباح..
فرانز كافكا تخيل لجنة تصيبك بالحمق في “المحاكمة”..أما لجنتنا نحن فتولد وتترعرع و يشتد ساعدها و تعيش وتموت في حضن العبث و اللاجدوى..
لا تحزن عزيزي عزيزتي…اللجنة لها الكلمة الأخيرة؟
كلمة الضربة القاضية التي تنهي اللعبة.
لقد تعودنا السقوط بالضربة القاضية..