أنس العمري – كود///

كما كان عليه الأمر قبل أسابيع خلال تفكيك خلية الأشقاء بحد السوالم، اتسمت تدخلات المكتب المركزي للأبحاث القضائية في 9 مدن، بما فيها الدار البيضاء، اليوم الأربعاء، لإيقاف 12 متطرفا يشتبه تورطهم في التخطيط لمشروع إرهابي بالغ الخطورة، باعتماد بروتوكول أمني دقيق حماية لأرواح المواطنين وضمان الأمن.

فكما لوحظ من خلال الصور والفيديوهات التي جرى تناقلها من مواقع العمليات الأمنية، حرصت الفرق المتدخلة على عدم ترك أي شيء للصدفة والتحرك وفق خطة مدروسة، تضع على رأس أولوياتها تأمين حياة المواطنين، وذلك في ظل خطورة المواد التي يتحوز عليها المشتبه فيهم والمستوى الذي وصلت إليه تحضيراتهم، ومدى انخراطهم في المشروع التخريبي الخطير، الذي خطط له بتكليف وتحريض مباشر من قيادي بارز في تنظيم “داعش” بمنطقة الساحل الإفريقي.

كلشي مدروس

يمثل اعتماد بروتوكولات أمنية دقيقة ومدروسة خلال عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية عاملا حاسما في حماية أرواح المواطنين. وهي إجراءات وقائية لا يمكن التقليل من أهميتها في موازاة الحفاظ على كفاءة الجهاز الأمني وضمان تحقيق الأهداف المطلوبة دون التسبب في أضرار.

وما شهدته الدار البيضاء، اليوم الأربعاء، ومعها 8 مدن أخرى، كان تجسيد آخر لمدى أهمية هذه البروتوكولات فحماية الناس من وقوع أي تأثيرات جانبية محتملة، خلال التدخلات لي كيبقى فيها حدوث مواجهات أو حتى انفجار وارد.

ففي العاصمة الاقتصادية، وعند الاستعداد لبدء العملية التي كان حي سباتة مسرحا لها تم إجلاء سكان الشقق القريبة من أماكن التدخل في إطار تطبيق بروتوكول الأمن الخاص بالتهديدات الإرهابية الخطيرة.

وبالموازاة مع ذلك، تفرض طوق أمني واسع حول الموقع المعني، بما في ذلك تأمين المناطق السكنية والمحاور الرئيسية التي قد تشهد مرور المواطنين.

ونشرت فرق التدخل، والتي شملت القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وعناصر “البسيج” وفرق تفكيك المتفجرات، والشرطة القضائية وغيرها، فمختلف النقاط المحددة لها ضمن خطة تأمين موقع العملية.

ورافق هذه التحركات تنسيق مكثف بين هذه الفرق وفق بروتوكولات صارمة تضمن تفكيك الخلايا دون أن تعرض حياة المواطنين أو أفراد الأجهزة الأمنية للخطر.

وفي أثناء تنفيذ التدخلات، استخدمت عناصر القوة الخاصة القنابل الصوتية بشكل احترازي، لمنع أعضاء هذه الخلية الإرهابية من القيام بأي شكل من أشكال المقاومة العنيفة أو عدم الامتثال الذي قد يهدد أمن وسلامة عناصر فريق التدخل.

سلاح المعلومة الاستخباراتية

قبل الشروع في أي عملية أمنية لتفكيك خلية إرهابية، كتعتبر المعلومات الاستخباراتية الموثوقة والتحليل الأمني الدقيق أساسا لنجاح المهمة.

وهاد السلاح الفعال كان مرة أخرى مفتاح إحباط هاد المخطط الإرهابي الجديد البالغ الخطورة لي كان يستهدف المغرب.

فبناء على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، نجح “البسيج” في إجهاض هاد المشروع التخريبي.

إذ بفضل هاد المعلومات أطيح، في عمليات متزامنة بمدن العيون والدار البيضاء وفاس وتاونات وطنجة وأزمور وجرسيف وولاد تايمة وتامسنة بضواحي الرباط، بـ 12 متطرفا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و40 سنة، بايعوا تنظيم “داعش” الإرهابي وانخرطوا في الإعداد والتنسيق لتنفيذ هاد المخطط الإرهابي.

اختطاف وتصفية وتمثيل بالجثث

خطورة هاد الخلية كتبان بوضوح في المحجوزات التي ضبطت لديها والمشروع الإرهابي المرعب الذي خططت له.

واعتمدت الخلية الإرهابية أسلوبا تنظيميا دقيقا، بإيعاز من القيادي في تنظيم “داعش”، وهو مسؤول في ما يسمى بلجنة “العمليات الخارجية” المكلفة بتدويل المشاريع الإرهابية خارج منطقة الساحل جنوب الصحراء. وقد بينت التحريات الأولية أنه أشرف على عمليات التمويل المالي وتوفير الدعم اللوجستيكي، فضلا عن تزويد أعضاء هذه الخلية بالمحتويات الرقمية التي توضح كيفيات التنفيذ المادي للعمليات الإرهابية.

وكانت المخططات الإرهابية توجه حصريا لفريق “المنسقين” الذين يتكلفون بتبليغ هذه المخططات لباقي الأعضاء إما بشكل مباشر أو عن طريق قنوات غير مباشرة، ثم فريق “المنخرطين” في تنفيذ العمليات الإرهابية، فضلا عن الفرع المكلف بالدعم والتمويل الذي توصل بشكل مباشر بدفعات مالية من تنظيم “داعش” دون المرور بالشبكة البنكية.

وبخصوص المشاريع الإرهابية الوشيكة التي حددها فرع “داعش” بمنطقة الساحل لأعضاء هذه الخلية الإرهابية، فتتمثل في استهداف عناصر القوة العمومية عن طريق استدراجهم واختطافهم وتعريضهم للتصفية الجسدية والتمثيل بالجثث، وكذا استهداف منشآت اقتصادية وأمنية حساسة ومصالح أجنبية بالمغرب، فضلا عن ارتكاب أفعال إرهابية تمس بالمجال البيئي عن طريق إضرام الحرائق عمدا.

وتشير الأبحاث والتحريات الأمنية إلى أن أعضاء هذه الخلية الإرهابية قاموا مؤخرا بعمليات ميدانية لتحديد المواقع المستهدفة بعدة مدن مغربية، كما حصلوا على “مباركة” تنظيم “داعش” بمنطقة الساحل لمشروعهم الإرهابي، حيث توصلوا بشريط يبارك ويحرض على تنفيذ هذه العملية، وذلك إيذانا بانتقالهم للتنفيذ المادي للعمليات التخريبية.

وحجزت لدى الخلية أجسام ناسفة، ومواد كميائية تدخل في صناعة المتفجرات، فضلا عن عدد كبير من الأسلحة البيضاء من مختلف الأحجام، ومبلغ مالي بالدولار الأمريكي، وأكياس عديدة تضم مواد كيميائية مشبوهة.