حميد زايد ـ كود//
في المرة الأولى.
تفاجأ سعد الدين العثماني.
ولم يكن مستعدا في الغالب لتوقيع أي شيء مع إسرائيل.
وربما أُخذ إلى التطبيع أخذا.
ومضطرا.
وعلى حين غرة.
دون رغبة منه.
ولا من حزب العدالة والتنمية.
هذا كله يمكن فهمه.
وتصديقه.
وليس من المقبول أن نذكره به دائما.
لكن يبدو أن رئيس الحكومة السابق دخل هذه المرة.
وهي المرة الثانية.
عن طيب خاطر.
في تحالف جديد واستراتيجي مع إسرائيل.
ولطيبة الرجل.
وبينما تركيا صامتة.
وبينما إسرائيل تتظاهر بأنها غير معنية بما يقع.
وبينما الولايات المتحدة “تراقب الوضع عن كثب”.
وحده سعد الدين العثماني يعلن صراحة دعمه لهيئة تحرير الشام.
والتي هي جبهة النصرة سابقا.
والتي هي الدولة الإسلامية.
ثم القاعدة.
وحده يعبر عن فرحته “لاستعادة” حلب وللهجوم على إدلب.
ويعتبر نفسه طرفا.
ويقوم بإسناد جبهته.
ويوفر لها “بيئة حاضنة” هنا في المغرب.
وحده يتصف بكل هذه البراءة.
وحده يصدق أن هذه المعارضة المسلحة الإرهابية. الطائفية.
التي كانت تستقطب الإرهابيين من كل العالم.
تحركت في هذا الوقت بالضبط.
من أجل تحرير سوريا.
من نظامها الدكتاتوري.
وفي الوقت الذي تحوم فيه شكوك حول دور لإسرائيل في ما يقع.
وأنها حرب أخرى تخوضها بالوكالة.
وأن كل ما يحدث يصب في مصلحتها.
وضد المقاومة.
وضد الحضور الإيراني.
وضد حزب الله.
يغتبط سعد الدين العثماني مثل طفل.
ويكتب تدوينة مليئة بالأخطاء اللغوية والسياسية.
والتي لم يكن أبدا مضطرا إلى كتابتها.
وبهذه السرعة.
كأنه سلفي متطرف مغربي.
وكأنه لا يجد حرجا في دعم تنظيم إرهابي.
لمجرد أنه يحارب “الروافض”.
وليس هذا فحسب.
ودون أن يدري فهو يلتقي سياسيا مع الدولة العبرية.
ويخبرنا أن مصالحه هي نفسها مصالح إسرائيل.
وربما تركيا.
ولأن سعد الدين العثماني مفرط في طيبته.
فهو يظن أن “هيئة تحرير الشام” هذه.
تحارب نظام بشار الأسد.
وتقاوم وتحارب كي تخلص السوريين من جرائمه.
ومن استبداده.
بل العكس.
إنها تمنح بشار الأسد مصداقية.
وتجعل منه ضامنا لبقاء الدولة.
وما بعده الفوضى.
وعودة داعش من جديد.
وما بعده بداية لسقوط دول أخرى في المنطقة.
ولظهور دوليات صغيرة وإمارات كردية ودرزية وسنية تماما كما يتمنى ذلك المسؤولون الإسرائيليون.
إلا أن ذلك الطفل البريء الذي يسكن سعد الدين العثماني ينسل منه بين الفينة والأخرى.
ويحرجه.
ويفضحه أمام الناس.
وأمام الدولة.
وقد خرج منه مرة في الكويت حين كان وزير خارجية,
لما تحدثت الصحافة عن لقاء محتمل جمعه بإخوان تلك الدولة الخليجية.
وها هو يخرج منه اليوم.
ويسيء إلى رجل الدولة الذي كانه.
وإلى المنصب الذي شغله في الماضي.
ويتهور
ويندفع
ولا يتحفظ
ويلعب في ساحة لا تخلو من مخاطر
ويغامر بسمعته.
ملتحقا بالمجاهدين في حلب.
واضعا المقاومة الفلسطينية الوطنية للمحتل الإسرائيلي
في نفس مكانة هيئة تحرير الشام
حيث “كلاها ينشد أصحابه الحرية والكرامة”.
ولا فرق في نظره.
غارقا في طائفية مقيتة
مساندا للإرهاب
ومنسجما مع الموقف الإسرائيلي الذي يشجع على هذا الخلط.
وعلى وضع الجميع في سلة الإرهاب والتطرف.
والذي يدعم هيئة تحرير الشام في صمت وبغبطة مكتومة
بينما لا يتردد رئيس حكومتنا
في أن يجهر بذلك ويغني ويحتفل ويصرخ
ويحرج نفسه
وحزبه
ويحرجنا جميعا معه.