كود: ما حدث في سجن سلا أثار جدلا وتخوفا من عملية الإفراج عن المعتقلين السلفيين، ما رأيك؟ وما هو الغرض من هذا التصعيد؟
بداية وجب الفصل بين ما وقع ويقع داخل السجون من أحداث، أو ردود فعل من طرف بعض المعتقلين، أو الإدارة الوصية وبين مسلسل الإفراج أو تصفية هذا الملف الذي عمر منذ سنة 2002، وذلك لعدة أسباب منها، أن المعتقلين الإسلاميين بالسجون المغربية ليسوا كلهم متفقين على ما جرى ويقع من أحداث، وأن الذين أمضوا لحد الساعة ثمان سنوات من الاعتقال، والذين استفادوا من مراحل العفو السابقة يراهنون على معانقة الحرية، لم يشاركوا في أية حركة احتجاجية، إلى جانب أن أحداث التصعيد والمواجهة التي شهدها سجن الزاكي بسلا لا يمكن إسقاط نتائجها على باقي السجون، بل إن عددا من المعتقلين المتواجدين بهذا السجن نفسه لم يشاركوا في الاعتصام ولا المواجهة، بل وانسحبوا من الحي المخصص لهم، بمجرد ما وفرت لهم الإدارة الظروف الملائمة، وقبل وقوع التدخل الأمني.
وشمل هذا التدخل حوالي 120 معتقل ممن اعتلوا سطوح السجن وأبوا الانصياع للأوامر السجنية.
"كود" تريد أن تقول بأنه يجب التمييز بين هؤلاء السجناء؟
طبعا، يجب التمييز وعدم التعميم، حتى لا نظلم من لم تكن له ناقة ولا جمل فيما عرفه السجن من تصعيد من طرف بعض المعتقلين، الذين صوروا أنفسهم في أشرطة فيديو على اليوتوب، وأعلنوها حربا واستشهادا، ولم يقدروا لاختياراتهم هاته لا الظرفية ولا الزمان، وبذلك أخطأوا الهدف ووجدوا أنفسهم أمام مسؤوليات كان من المفروض تفادي نتائجها بالحوار الهادف والبناء والرصين.
وبناء على ما سبق تفصيله فلا يعتقد عاقل أن الدولة أو الجهات الوصية والملتزمة بتصفية ملف المعتقلين الإسلاميين سوف تؤاخذ زيدا بجريرة عمر، وكل هذا يدخل في إطار تحديد المسؤوليات والجزاءات، وأن لدينا أمل في أن يستفيد باقي المعتقلين من الإفراج، خصوصا أولئك الذين هم متشبثون ببراءتهم، ودلت سلوكاتهم ومواقفهم عن حسن نواياهم.
"كود": هل تتوقع أن يتم الإفراج عن مجموعة جديدة؟
نحن نأمل ونمني النفس بذلك، ووضعنا نصب أعيننا مرحلة التصويت على التعديلات الدستورية المقبلة، على أساس أن يدخل المغرب بعد المصادقة على الدستور في صيغته المعدلة، ودسترة توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، إن شاء الله تعالى، مرحلة جديدة بعدما يكون قد تخلص من كل الشوائب والمعيقات.
"كود": هل اللقاءات التي كان يجريها مسؤولين يمثلون الدولة مع سجناء في وقت سابق أعطت أكلها؟
من الصعب الجواب بالسلب أو الإيجاب، ولكن يحضرني الآن ما صرح به الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيد محمد الصبار، عندما ذكر أن العفو الأخير ليوم 14 أبريل، الذي استفاد منه 190 معتقل، جاء بعدد أكبر مما كانوا يتوقعون هم بالمجلس. وهذا دليل على أن الذين كانوا يعقدون اللقاءات، ويتابعون أحوال وسلوكات المعتقلين بالسجون لديهم من القناعات ما يدبرون به هذا الملف، لأنهم هم الأدرى بطبيعة كل واحد من هؤلاء المعتقلين، وهم الذين سوف يتحملون مسؤولية متابعة أحواله بعد الإفراج عنه.
"كود": ما هي توقعاتك بخصوص تأثير التيار السلفي المعتدل في الحراك السياسي والاجتماعي الموجود حاليا بالمغرب؟
إذا ما اندمج أبناء هذا التيار في ما يعرفه المغرب اليوم من حراك سياسي واجتماعي سوف يكون لهم بالتأكيد تأثير في رسم معالم مغرب المستقبل، أما وأننا نلاحظ تشبثهم بالتميز عن باقي المكونات الفاعلة في الساحة، (وذلك من خلال وقفاتهم، وخرجاتهم، وشعاراتهم، وحتى بالهندام أحيانا …) فإنني أعتقد أن لا حظ لهم في التأثير في مغرب يعرف التنوع في كل شيء، ويكره الاستلاب أو الاندماج في نموذج آخر غير النموذج المغربي الموروث عبر القرون.
* ما الفرق بين تدبير ملف السلفية الجهادية في وقت سابق وحاليا؟
هذا ملف ليس له طابع محلي حتى نقول إن له اليوم تدبير وغذا يدبر بشكل آخر. ففي هذا الملف عدد ممن كانوا بالأمس القريب مقاتلين بأفغانستان، أو العراق، أو معتقلين في غوتناموا وغيرها من البلدان، ومن هم متورطون فيما عرفه المغرب من أحداث إرهابية. وأعتقد أن المغرب لا يتحرك فيه بمفرده، وإنما باتفاقيات وعهود مع دول أخرى، ولا أدل على ذلك من أن تونس ومصر شهدتا ذهاب الرئيسين، زين العابدين بنعلي وحسني مبارك، وما زلنا نسمع إلى يومنا هذا بالمطالبة بإطلاق سراح أبناء هذه التيارات في هذه البلدان.