حميد زيد – كود//
لا شيء يحدث في المغرب يا مخزن.
ومنذ مدة ليست بالقصيرة. ولا أحداث تقع. ولا أخبار. ولا حركة. ولا أحد يعارض. ولا أحد يحتج.
وأستجديك يا مخزن. وأعترف بقوتك. وبتفوقك على كل خصومك. وأطلب منك فحسب أن تصنع لنا حزبا أو حزبين معارضين.
ثم اخلق لنا نقابة قوية.
اخلق لنا غضبا. واحتجاجات. ومطالب.
اخلق لنا صراعا. وتنافسا.
أي شيء منك يا مخزن سنقبله.
فهذا الوضع غير جيد. وفارغ. ورتيب. ولا يحدث فيه أي شيء.
فهل ترضى أن لا نجد نحن الصحافيين ما نكتب عنه في المغرب.
وعبثا نبحث عن الأخبار. وعن الأفكار.
بينما لا شيء يقع في المغرب منذ مدة.
ولا نريد منك أن تصنع لنا معارضة كي تزعجك وكي تنافسك.
ولا نريد أن نتسبب لك في المشاكل. وفي القلاقل. وفي التوترات.
لا نريد منك تنازلا بعد أن سيطرت على الجميع.
ولم تعد هناك نأمة.
ولم تعد هناك حركة.
حاشا أن نتجرأ ونطلب منك ذلك.
حاشا أن ننغص عليك هدوءك.
بل فقط نريد أن نكتب. ونتابع. ونغطي. ونشعر أن حياة في هذا البلد. والحال أننا لم نعد نجد ما نتابعه. وما نغطيه.
فاصنع لنا رجاء أحزابا معارضة تابعة لك.
اصنعها لنا خاضعة وتتظاهر بالمعارضة.
اصنع لنا نفاد صبر.
اصنع لنا راديكالية جديدة.
اصنع لنا حركة إصلاحية. ثم دعهم يتنافسون. ويتنبازون بالألقاب. وينظرون. ويستقطبون.
اصنع لنا نخبا لا يعجبها تحكمك في كل شيء.
ولو على سبيل التسلية.
ولو من أجل التقاط الصور.
ولو من أجل المظاهر.
اصنع لنا حداثيين تحت تصرفك. اصنع لنا محافظين. ويمينا. ويسارا.
اصنع لنا سلفية جديدة.
اصنع لنا إخوانا جددا بعد أن قضيت على السابقين.
واقبض أنت على الخيط.
فما نريده هو أن نتحرك قليلا. ونتحمس. ونخلق الجدل. والنقاش. ونكتب.
وتأكد يا مخزن أن لا غاية لنا من وراء ذلك.
ولا نسعى إلى الإطاحة بك. ولا إلى تقاسم السلطة معك.
ومن يجرؤ منا على ذلك.
من هذا الأحمق. من هذا الساذج. واللاواقعي. الذي لا يعرف كم هي مائلة كفة ميزانك.
وكم خفيف كل من حولك. وكل القوى. وكل الأحزاب.
ومن أجل مصلحتك يا مخزننا العزيز.
ومن أجل أن تظل متمتعا بصحة جيدة. ويقظا. وعلى استعداد دائم. وكي لا تترهل. نرجوك أن تسمح لنا بهامش من المعارضة.
ومن الحرية.
فنحن نعاني يا مخزن في مهنة الصحافة.
ولا نريد منك دعما.
لا نريد مالا ولا أجورا.
نريد فقط حياة سياسية بدل كل هذا الموت. وهذا الفراغ. وهذا القحط.
نريد أن نساعدك.
نريدك أن تتحرك. وكي لا يخرج لك مغرب كامن في القاع. ويفاجئك.
نريدك أن تكون دائما على أهبة الاستعداد.
نريد فقط أن نتوهم وجود قوى تتصارع في ما بينها.
نريد منك أن تشد كل الأحزاب من أذنها.
نريد منك أن تنهرها كي لا تظل معولة عليك. ولازقة بك. ومعتمدة عليك.
فلا أحد صار يرغب في أن يكون مستقلا.
لا أحد صار مقتنعا بالنضال. وبالضغط عليك.
ولن تخسر شيئا لو اخترت حزبا أو حزبين أو ثلاثة وأمرتهم بالابتعاد عنك. وبأخذ مسافة منك.
وبمعارضتك.
وأنا متأكد أنك قادر على ذلك.
فنحن نعاني في مهنة الصحافة. وليس لنا ما نكتب عنه . وليس لنا ما نغطيه.
ولا أحد يتألق في هذا البلد سواك. محتكرا دور الأغلبية. والحكومة. والمعارضة.
والدولة الاجتماعية.
والنقابات وعلى عكس النقابات في العالم تتفاهم نقاباتنا في كل مرة معك.
وتتفاوض معك. وتخرج بأخبار سارة للشغيلة.
دائما
دائما
هناك سلم اجتماعي.
ولا أحد يمرض. ولا أحد ييأس. ولا أحد يرفع صوته. من داخل المؤسسات.
وهذا غير جيد.
وغير صحي. ويخفي مرضا كامنا.
وهذه الطمأنينة وراحة البال ستصيبنا يا مخزن بالسمنة.
وحتى في الماضي القريب كانت فيه حياة وصراع وقوى تتنافس في ما بينها.
وحتى محمد الهيني لم يعد يحزم رأسه بعصابة حمراء.
وحتى محمد يتيم لم يعد أحد يقرصن صفحته في الفيسبوك.
وحتى أفتاتي فقد الأمل.
وهذا محبط يا مخزن. وليس في مصلحتك.
ولا شك أننا أثقلنا عليك.
ولا شك أنه من غير المقبول أن تتحمل وحدك كل هذا العبء.
فرجاء يا مخزن
دعنا نساعدك.
دعنا نعارضك ولا نتفق معك.
وامنحنا يا مخزن أحداثا وصراعا وتنافسا وخلافات ونقاشات
امنحنا ولو قليلا مما كان لنا في الماضي.
امنحنا صحافة
امنحنا أخبارا.