وكالات//
لقد أذهلت رحلة صعود جوردان بارديلا الشاب الذي ترك دراسته الجامعية ليلتحق بـ “الجبهة الوطنية” ووصوله بعد سنوات ليكون مرشحا محتملا لرئاسة الحكومة في فرنسا خلفا لغابريال أتال كثر، مما يدل على حملة سردية سياسية ناجحة نظمها اليمين المتطرف.
بدأ جوردان بارديلا مسيرته السياسية منذ صغره، وأثارت رحلته الاستثنائية من الانسحاب من الدراسة إلى أن يصبح مرشحاً لرئاسة الحكومة إعجاب الكثيرين.
ترك بارديلا دراسته الجامعية وانضم إلى حزب الجبهة الوطنية وأصبح سريعاً شخصية قيادية داخل الحزب.
بفضل خلفيته الشابة وقدرته على جذب الانتباه بفكره الجريء، نجح بارديلا في إثارة اهتمام الساحة السياسية الفرنسية، مما جعله مرشحاً قوياً لرئاسة الحكومة.
من هو؟ وماذا نعرف عنه؟
لقد ولد الشاب الفذ في السياسة في 13 سبتمبر عام 1995 في مدينة درانسي في ضاحية سين سان دوني الشعبية في العاصمة باريس، عاش مع أمه وصور نفسه كناج من ضاحية صعبة متأثرة بالمخدرات والمهاجرين من أصول عربية وأفريقية.
خلال مقابلته مع قناة “فرانس 2” التلفزيونية الفرنسية في أبريل، قال: “مثل العديد من الأسر التي تعيش في هذه الأحياء، واجهت العنف، حيث رأيت والدتي غير قادرة على تلبية احتياجاتها”.
بعد تفوقه في شهادة البكالوريا، انضم جوردان بارديلا إلى جامعة السوربون حيث درس في كلية الجغرافيا.
لكنه لم يكمل دراسته الجامعية، بل انخرط في صفوف حزب الجبهة الوطنية عندما كان عمره 16 عامًا، وسرعان ما تولى منصب سكرتير للحزب عن ضاحية سين سان دوني التي ينحدر منها.
هل رواية الرجل العصامي حقيقية؟
كانت طفولته مُقسّمة بين شقة والدته لوزيرا موتا برتللي (1962) ومنزل والده أوليفيه بارديلا (1968) في مدينة مونت مورنسي الأكثر ثراءً، في الضواحي الشمالية لباريس.
وفقًا لبيير ستيفان فورت، الصحفي الاستقصائي، الذي نشر مؤخرًا سيرة ذاتية غير مصرح بها عن السياسي الشاب، كان والده يدير شركة لتوزيع المشروبات، وكان ميسور الحال نسبيًا، لكن هذه الجوانب تم تجاهلها في رواية بارديلا.
واضاف فورت في حديث مع “يورونيوز”، أن “بارديلا التحق بمدارس خاصة كاثوليكية”.
وأشار إلى أنه “في مراهقته، سافر إلى الولايات المتحدة في رحلة طويلة مع والده. وفي سن 19، أهداه والده سيارة سمارت، وفي سن 20، قدم له شقة في إحدى ضواحي باريس الغنية في فال دواز. لكن كل ذلك لم يتناسب مع الرواية السياسية فتم تجاهلها”.
وحاول تحقيق أجرته صحيفة “لوموند” مؤخرا العثور على أي دليل يربط بارديلا بحي سان دوني، الذي يشكل جزءًا أساسيًا من روايته كـ “شاب عصامي”.
ولكن لم تتوفر الكثير من المعلومات أو الذكريات بين سكان الحي، والذين لم يتذكروا بوضوح رؤيته في المنطقة، ولم يكن لديهم تفاصيل عن اهتماماته السياسية أو مواقفه تجاه اليمين المتطرف.
الأولوية رقم واحد؟
بارديلا هو أول شخص يقود حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف من خارج عائلة لوبان.
خلفت مارين لوبان والدها في قيادة الحزب في عام 2011 قبل أن تطرده من الحزب في عام 2015 في محاولة لإبعاده عن أقصى اليمين المتطرف.
لكن خليفتها الشاب أثبت أنه عامل جذب كبير، حيث اجتذب حشدًا أصغر سنًا للتصويت للحزب.
عبر وسائل الإعلام، نجح بارديلا في بناء صورته العامة كزعيم شاب يسعى إلى إصلاح حزبه وجذب شريحة أوسع من الناخبين، خاصة الشباب، من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي تتيح له التواصل المباشر ونشر أفكاره بشكل فعال.
يقول بارديلا إنه يستخدم تيك توك_ حيث يفتخر بأكثر من مليون متابع _ كوسيلة “للوصول إلى الشباب غير المسيسين والذين أصبحوا كذلك بفضل وسائل التواصل الاجتماعي”.
يتلقى بارديلا انتقادات بسبب التركيز الزائد على تعزيز صورته العامة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، على حساب الاهتمام بالمسائل السياسية الجوهرية.
وقد وصفته النائبة اليسارية الأوروبية مانون أوبري بأنه “برلماني شبح”، بسبب غيابه المتكرر عن الغرفة الأوروبية على مدار السنوات الخمس الماضية.
وأوضح فورت أن بارديلا “يغير رأيه في كثير من الأحيان وهو قادر على قول شيء وفعل عكسه تماما”.