من إنجاز عمـر المزيـن – كود//

لم تعد فاس كما كانت عليه في السنوات السابقة من إشعاع ثقافي ونمو اقتصادي واستقرار اجتماعي. فتحولت في الوقت الراهن إلى مدينة شبه منكوبة على كافة المستويات، نتيجة تراكم الخيبة وسنوات التردي الذي تتحمله فيه عدة أطياف سياسية مسؤولية التدهور الشتبه الكامل، خاصة على المستوى الاقتصادي.

فاس التي كانت تحتل الرتبة الثالثة اقتصاديا تدحرجت إلى رتبة متدنية وطنيا بفعل تراكم عدة مشاكل ساهمت في أزمة اقتصادية خانقة مصدر إغلاق عشرات الشركات والمعامل وتسريح لآلاف العمال والعاملات، الذين أصبحوا يعيشون واقع البطالبة في غياب بديل اقتصادي.

إغلاق معامل:

عدة معامل أغلت منذ التعسينيات من القرن الماضي، خاصة بعد الإضراب العام لـ14 دجنبر 1990، الحدث الذي تربطه المتهمون بالشأن المحلي ببداية التدهور على مستوى المدينة، بل منهم من يراه السبب الرئيسي في عدم إيلاء المدينة الاهتمام اللاّزم عقابا لأبنائها على انتفاضتهم.

معمل “لاسيميف” بحي بنسودة الشعبي ومعمل “كوطيف” بحي سيدي ابراهيم، إثنان من أهم المصانع التي كانت فاس تفتخر بها، وشكل نقطة إشعاع للمدينة. لكن إغلاقهما وتسريح عمالهما كانت صدمة حقيقة اهتزت على وقعها العاصمة العلمية، خاصة أن المعملين كانا يشغلان الآلاف من العمال والعاملات، وكانا يجعلان من المدينة تتبؤ مكانة رائدة على المستوى الوطني والقاري.

وتوالت عملية إغلاق المعامل اتباعا منذ التسعينات من القرن الماضي وطيلة ثلاثة عقود، مما تسبب في تشريد عمال آخرين وتكريس واقع البطال والفقر والتهميش، في الوقت الذي كان فيه قطاع النسيج أكبر ضحية في هذه الأزمة الخانقة، والتي تتواصل إلى الآن.

سياحة منتعشة:

أدت قطاع السياحة ضريبة الأزمة الاقتصادية التي عرفتها المدينة. ولم يكن بمنأى عن التأثر بهذا الواقع، مما اتضح من خلال ضعف الإقبال على المدينة في مرحلة معينة، رغم ما قد يلاحظ راهنا من انتعاشة سياحية تؤكده الأرقام الرسمية المعلنة عليها بين الفينة والأخرى.

الاستقرار الأمني الذي تنعم به فاس حاليا كان سببا في هذه الانتعاشة، كعس ما كان عليه الأمر في سنوات سابقة، أدى فيها قطاع السياحة ثمن التدهور الأمني والانتشار المهول للجريمة بشتى أشكالها، خاصة ما يرتبط بالسرقات بالعنف واستهداف السياح على الخصوص في سلامتهم البدنية.

هذه الانتعاشة تشكلت بالخصوص في الإقبال على المدينة، ونسبة ملء المنشآت الفندقية، وارتفاع في ليالي المبيت، وتعزيز البنيات السياحية في إقلاعة غير مسبوقة، تبشر بمستقبل زاهر للقطاع الذي قد ينوب عن القطاعات الصناعية الأخرى لاسترجاع سمعة المدينة الشبه المنكوبة اقتصاديا.

مافيا العقار:

شكلت مشاكل العقار واحدة من الوجوه السوداء للمدينة أمام انتشار “مافيا العقار” استباحت كل الأراضي وأتث على الأخضر واليابس لتحل العمارات الإسمنتية بديلا عن الفضاءات الخضراء، التي طالما اشتهرت بها المدينة، في ظل الزحف الإسمنتي على كل شوارعها وأحيائها وحتى حقولها الفلاحية المجاورة.

واختفت الفضاءات الخضراء من الوجود في فترات متلاحقة منذ التسعينيات، في الوقت الذي لم تبدل فيه مجهودات لتدارك الأمر، خاصة في ظل تفجر فضائح عقارية بعضها عرف طريقه إلى المحاكم، وهو قليل من الكثير، من قبيل تزوير رخص البناء، الملف المعروض حاليا على أنظار قاضي التحقيق المكلف بالبث في جرائم المالية.

هذا الوضع المقلق والشاذ أنجب بارونات يتاجرون في الأراضي لمراكمة ثروة كبيرة ولو بخرق القانون، مما كان موضوع تقارير حتى من قبل مسؤولي العدالة والتنمية، الذين سرعان ما غضوا الطرف ولو بصمتهم بعد توليهم مسؤولية تدبير الشأن المحلي.

رياضة معاقة:

كانت الرياضة إلى حين مصدر إشعاع للمدينة التي كانت ممثلة في بطولة القسم الوطني الأول بفريقين يوجدان الآن للأسف في القسم الوطني الثاني، يعانيان الأمرين، في انتظار عصى قد تكون سحرية لإعادة بريقهما المفقود، الذي يؤرق ويقلق جمهورا عريقا وعريضا يمن النفس لإعادة الإقلاع من جديد.

فريق المغرب الرياضي الفاسي “الماص” الحائز على عدة أقام وطنية وقارية وعربية يعاني بدوره الأمرين، في انتظار إيجاد خائرطة الطريق للعودة إلى قسم الأضواء، الواقع نفسه يعيشه فريق الوداد الرياضي الفاسي “الواف”، كما كل الأندية الفاسية الممارسة في مختلف الأقسام، وزيد عليها مختلف فروع باقي الرياضات.

وقال رضا الزعيم، الذي يعتبر الرجال القوي داخل الماص، في تصريح لـ”كود”، أنه لا خوف حاليا عن الفريق الفاسي، في ظل وجود مكتب مسير متجانس يترأسه إسماعيل الجامعي، الذي تمكن من تسديد جزء مهم من الديون المتراكمة على الفريق منذ التسعينات، سيما في ما يتعلق بالضرائب وأجور ومنح اللاعبين، والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وأضاف المتحدث نفسه، قائلاً: “نتمنى أن يترك المكتب المسير يقوم بواجبه دون تشويش لكي نتمكن من الوصول إلى ما خططها له منذ تولي الجامعي رئاسة الفريق، حيث يبدل مجهودات كبيرة وجبارة من أجل أن يكون الفريق في مستوى تطلعات كل الجماهير الفاسية”.