هشام أعناجي ـ كود الرباط//

انهالت التهاني والتبريكات من طرف تيار من النخبة المغربية المستلبة بعد تعيين السنوار قائدا جديدا لحركة حماس عقب مقتل هنية في طهران، وذهب بعض كتاب الرأي المستلبين فكريا إلى الترحيب بالأمر والتبشير بنصر قادم ودخول للأقصى وهم يرتشفون الشاي أو القهوة أو البيرة ولسان حالهم يقول فلسطين هي البوصلة وهي أهم من الصحراء ومن ضحايا الحوز وغيرها.

هاود وحدين محسوبين على التيار الإسلامي القومجي كيهدرو باسم المغاربة وكيكتبو بسميتنا بلا حيا بلا حشمة والحال أن كل واحد خاصو يهدر باسمو الشخصي، ولكن حتى هادي طبيعية لأنهم “مكيأمنوش” بقيمة الفرد، خص ديما تكون الجماعة والغلبة، أم الرأي الحر الفردي لا مكانة له وسط هؤلاء اللي كيشكلو خطر على حرية الأفراد داخل المجتمع، لكن رمتهم رياح الوعي الجديد بـتمغربيت وزلزلهم تسونامي انتخابات 2021. لا مستقبل لهم وسط المغاربة.

سبق لي في “كود” أن عبرت عن تنديدي باستهداف المدنيين من الطرفين وتحدثت في مقالات سابقة عن الطبيعة البشعة للحرب وعن ضرورة الحوار والتأطير السياسي للحرب باعتبارها استمرارا للسياسة وباعتبارها معطى بنيوي في العلاقات الدولية.

السنوار الذي عالجه الإسرائيليون قائد ميداني فاشل أطلق عملية تكتيكية دون أفق استراتيجي نتج عنها تخريب غزة ومعاناة وقتل للمدنيين! من الطرفين طبعا. وحتى إن كان قائدا ناجحا فهذا لا يهمنا في شيء.

أبسط القراءات في العلاقات الدولية تؤكد بأن اختيار قائد ميداني فاشل مثل السنوار عنوان لنهاية حماس عسكريا بعد ان انتهت سياسيا عقب استهداف هنية. وللتذكير فقط، كتبت بعد أيام قليلة من السابع اكتوبر مقال بعنوان “طوفان الأقصى غا يتبعو طوفان أقسى تتحمل حماس مسؤوليته”  وهذا ما جرى فعلا.

ومن حقي أن أتساءل : عن اي انتصار وعن أي نصر مستقبلي يتحدثون عنه هؤلاء الذين يعيشون معانا بأجسادهم وعقولهم في بيت حسن نصرالله ومشاعرهم مثل لطميات إيران وأقوالهم مثل التهديدات الشفوية الوهمية للقسام”.

إن التهليل للسنوار علامة على التمادي في التماهي مع قضايا لا علاقة لها بالوطن المغربي، كما حدث مع بنكيران صاحب التقاعد الاستثنائي الذي طار لحضور مراسم تشييع هنية والقى كلمة تجاهلها الجميع.

فلسطين قضية انسانية بحكم الدمار والتهجير والقتل الذي تعرض له المدنيين هناك، كل هذا بسبب مغامرة تكتيكية غير محسوبة العواقب من طرف القائد العملياتي السنوار يوم 7 أكتوبر الملعون الذي يباركه خريجو صحافة “الشيخة موزة” وتكوينات “الجزيرة” واللي كيقدسو هاد القناة، ومن يقرأ لهم (خريجو قناة التغليط وبيع الوهم وزرع الفتنة) من يسار واشباه الليبراليين. هؤلاء جعلوا من فلسطين رأسمال سياسي يتاجرون به ليعيدو ترميم بكارتهم السياسية ويتحدثون باسم شعب مشغول مع العطلة الصيفية وغلاء الاسعار والاستمتاع بالمهرجانات.

ومع ذلك فالوضع الانساني الذي وصل اليه قطاع غزة، تطرف حماس في السابع اكتوبر ليس السبب الوحيد لهذه الازمة، بل هناك كذلك تطرف من الجانب الاسرائيلي، لذلك لتجاوز هذا الوضع، دعا الملك طرفي الصراع إلى وقف الحرب اولاً في غزة وفتح أفق سياسي امن وعادل و احياء عملية السلام وقطع الطريق على المتطرفين بين الجانبين، في أفق تشكيل دولتين ينعمان بالسلام واستشراف المستقبل، وان تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية والتأكيد على غزة كجزء من تراب الدولة الفلسطينية .

تضامن الاسلاميين مع حماس وليس مع فلسطين، لأن  ما يهمهم هو استمرار الاسلام السياسي في حين تضامن اليسار يحكمه العداء لإسرائيل في اطار عدو عدوي صديقي وهذا يفسر التحالف أو زواج المتعة الحالي بين فلول اليسار العروبي والتيار الإسلاموي في الشارع وكلا الطرفين يدرك في لاوعيه أنه – في واقع افتراضي- لو أتيح له الحكم لازال الطرف الآخر من الوجود.

ما يهمني ـ كمواطن مغربي – في المقام الاول هو قضية استكمال وحدتنا الترابية والدفاع عن خصوصية المغرب وهويته وتنميته المجالية! وتنمية الأطلس، وكذلك ضرورة الإجماع الوطني حول القضية المصيرية التي تحدثت عنها الملك محمد السادس في خطاب “25 سنة من حكمه” وهي قضية الماء والتي أعتبرها اليوم تتجاوز قضية فلسطين. الأمن المائي اليوم أكبر تحدي يواجه الأمة المغربية وليس الأمة الحمساوية.

كيف يعقل أن هناك من بدأ بجمع التبرعات لإعمار غزة والمغاربة لم ينهوا بعد إعادة إعمار الأسر المتضررة من زلزال الحوز؟ أليس الأقربون أولى بالمعروف.

ثم لماذا التضامن الإسلامو-عروبي-يساري مع غزة فقط! ماذا عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم في السودان حيث الملايين يعانون الجوع!

فلسطين قضية انسانية وليست قضية وطنية والمغرب قام بإرساء تحالفات تضمن توازن القوى في المنطقة حفاظا على مصالحه الاستراتيجية!

تحليل العلاقات الدولية يجب أن يكون على أساس المصالح الوطنية عوض تحليل يستعمل غيبيات وطوباويات لتكريس المزيد من الاستلاب والتبعية للمشرق!

خلاصة القول: الإسلاميون واليساريون وبعض اتباعهم مصابون بالاكتئاب السياسي والتاريخي والإيدلوجي والمجتمعي (نظرا لتفوق المجتمع عليهم نفسيا وماديا واجتماعيا ورياضيا وفكريا ورقصا وفنا ووو).