اعتدنا أن نحتفل بوثيقة الاستقلال ولا نلتفت إلى الذين لم يوقعوا.
كان هناك جيل، بالفعل، من المغاربة في وضع اجتماعي يسمح لهم بالانخراط في الصراع الوطني، لكنهم اختاروا أن يظلوا مراقبين غير منحازين لبلادهم.
لن نذكرهم بالاسم، احتراما لأبنائهم وبناتهم، وأيضا لأنهم يعرفون أنفسهم.
 
بعض هؤلاء، كان في سن الدخول إلى خلايا المقاومة، ولم يفعل،
 وكان في سن الالتحاق بطائفة المدافعين عن الاستقلال أو بالحزب الشيوعي المناهض للاستعمار، ولن يفعل،
وبعضهم كان في مستوي خلق خلايا لوحده، لكنه لم يملك الجرأة لذلك.
لكننا نجد اليوم هذا البعض وقد أصبح «كلا»
أصبح يتوقع القيامة في عز الصيف، ويتوقع الزلازل في السحاب، وينظر إلى البلاد وكأنها فضاء لأحلامه فقط.
 
هذا البعض لم يعمل شيئا من أجل المغرب المستقل، ولكنه يهددنا اليوم بأنه سيستولي عليه آجلا أم عاجلا.
وبعضهم أصبح يتكلم مع الله (سبحانه وتعالى) مباشرة بدون .. سطانداريست!
ويتوعدنا بمملكة فاضلة حرة بها خلوة في الأعالي وفي الجبال.
 
هل يحق لمن لم يدافع عن هذه الأرض أن يقترح عليها السعادة؟
هل يحق لمن لم يدافع، وكان في سن الدفاع عن المغرب، أن يختار له الشكل الملائم للفرح وللديموقراطية وللخبز؟
نقول بأن الوطنية التي تختبر صاحبها ولا تجده في عز الحاجة إليه، هي الوطنية التي تمنع عليه اليوم أن يأملها من وراء حجاب.
ولا أجد فرقا بين الذي تعاون مع الاستعمار ومع الطرقية المتخلفة المدافعة عن ليوطي والجنرال غيوم، وبين من لم يغتنم مناسبة  الاستعمار لكي يخلق لنفسه بروفايل وطني.
هؤلاء الذين ورثوا عن آبائهم الثراء .. والخيانة، آن الأوان أن ينسحبوا بصمت ويتركوننا لهذا البلاد التي لم نرث من أبائنا منها سوى فقرهم وعزتهم الوطنية.
نفكر اليوم في كل الذين وضعوا قلوبهم في آياديهم وتقدموا بالوثيقة التي تطالب باستقلال البلاد، وانتهوا معارضين للنظام الذي جاء به نفس الاستقلال.
نفكر في كل الذين لم يسعفهم المغرب المستقل في بناء دولة حقيقية وضاعوا لمدة أربعين سنة للدفاع عن هذه الأرض الطيبة.
 
نفكر، أيضا، في الملك محمد الخامس، الذي وضع يده في يد من يدافع عن بلاده وأسس لشرعية ستدوم أكثر من الزمن نفسه.
 
ونفكر في المفارقة، هؤلاء الذين كان عليهم أن يدافعوا عن بلادهم في الوقت الذي دافع فيه المغاربة عنها لم يدافعوا عنها، وهم اليوم يطلبون الخلافة والإمامة والإمارة.. 
والذي كان عليه أن ينصاع للاستعمار خوفا على عرشه، دافع عن بلاده، وعن حريتها، وهو يتعرض اليوم للتشنيع!
سبحان الله، ومع ذلك يقولون لك بأن السياسة في البلاد مازالت تتطلب الرزانة!
نفكر في كل هؤلاء الشباب، أجداد شباب 20 فبراير، الذين أنجبوا أحرارا..
عمود “كسر الخاطر” ينشر في “كود” باتفاق مع رئيس تحرير “الاتحاد”