حسن حمورو ////
سيظل تاريخ 25 مارس 2017، ذكرى سيئة في مسار حماية الإرادة الشعبية من الامتهان، وفي مسار ترسيم مكانة لائقة ديمقراطيا بمؤسسة رئاسة الحكومة، التي حولها عبد الاله بنكيران إلى مركز قوة لصالح الشعب وإلى موقع كفاحي من أجل الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
في هذا التاريخ تابع المغاربة بكل دهشة واستغراب، انهيار أزيد من خمسة أشهر من الصمود ومقاومة فرض تحالف هجين على رئيس حكومة خاض حملة انتخابية كبيرة غير مسبوقة في تاريخ المغرب، توجت بتعيين ملكي في غاية الانسجام مع إرادة المواطنين.
لقد كان رفض الأستاذ عبد الاله بنكيران إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومته، منتصرا لفكرة تقوم على الاستقلالية وعلى تحصين موقع رئيس الحكومة، وإعطائه مدلولا سياسيا يجعل من رئيس الحكومة فاعلا غير تابع، مقررا وليس منفذ أو مُوقِّع.
وإذا كان قرار الملك تعيين شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية بتشكيل الحكومة، لا عيب فيه دستوريا، فإن المطلوب كان هو الاستمرار في جوهر المعركة التي خاضها رئيس الحكومة المعفى، انتصارا للقيم نفسها، والتي استقطبت جمهورا جديدا للسياسة، وشجعت نخبا تنطلق من مرجعيات مختلفة على الانخراط في المعركة ذاتها، وهو ما شكل مصدر ربح إضافي للديمقراطية في البلاد.
لكن وبكل أسف اختار الدكتور سعد الدين العثماني ومن دبر معه من قيادة حزب العدالة والتنمية، ما سمي مشاورات احتضنها مقر الحزب في أقل من 24 ساعة، أن يكون له رأي آخر أفرز ذات ليلة كئيبة عن تشكيلة الأحزاب التي سيكون رئيسا على وزراء يحملون قبعتها.
على كل حال، سيبدو جريا وراء السراب التوقف كثيرا عند هذه اللحظة التي سيكشف الزمن السياسي الكثير من الحقائق التي أحاطت بها وجعلتها سببا في صدمة اجتاحت بكل تأكيد عموم المغاربة.
اليوم نحن أمام واقع جديد، قد تكون مناورات الاطراف الرافضة لشرعية المجتمع المعبر عنها بتصدر حزب العدالة والتنمية لانتخابات السابع من اكتوبر سببا فيه بنسبة من النسب، لكن وبكل تأكيد تسببت فيه كذلك طريقة تدبير قيادة العدالة والتنمية وتفاعلها مع هذه المناورات، من موقع حجب عنها رؤية المشهد كاملا من أعلى، فانحازت إلى خيارات طبيعي أن توصل إلى ما أوصلت إليه من اهتزاز في ثقة الشعب في الحزب.
لقد بدأ مسلسل التنازلات بصمت العدالة والتنمية ومعها باقي الأحزاب الساعية إلى استرداد قرارها المستقل، عما شاب الانتخابات من تدخل مسيء لجزء من الإدارة، وبصمتها على فرض رئاسة مجلس النواب، وعدم التعامل مع الأمر بما يقتضيه سياسيا ودستوريا، هذه التنازلات كشفت طيلة الأشهر الماضية عن مستوى القابلية لأية عملية تستهدف إفراغ نتائج الانتخابات من مضمونها، من خلال تحويل النتائج إلى مجرد أرقام صامتة.
ويبدو أن الرهان الحقيقي للأطراف المذكورة، لم يكن هو الحكومة على أهميتها، ولكن كان هو السيطرة على الأغلبية البرلمانية والتحكم فيها، أو إبطال مفعول نواة الأغلبية المستقلة عن دوائر النفوذ المشكلة أساسا من نواب العدالة والتنمية ونواب الاستقلال ونواب التقدم والاشتراكية، وهذا ما يفسر الحرب التي خيضت وما تزال على قيادة حزب الاستقلال، وإفشال كل محاولات التقارب بينه وبين العدالة والتنمية، مع عدم السقوط في كل ما يمكن أن يقود نحو تفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات جديدة، لذلك حرصت جبهة عزيز أخنوش على التعبير المتواصل خلال فترة البلوكاج، على أنها تريد تشكيل الحكومة مع الأستاذ بنكيران رغم أنها صوتت إلى جانب نواب “البام” الذي أعلن الاصطفاف في المعارضة، لصالح الاتحاد الاشتراكي لترؤس مجلس النواب، ما وفر للناطق باسم الاتحاد الاشتراكي الجو ليصرح بأن الأغلبية موجودة وعلى بنكيران أن يتلحق بها.
بكلمة، المباراة مستمرة وعلى القيادة السياسية لحزب العدالة والتنمية والاستقلال والتقدم والاشتراكية، الوعي بحقيتها وبالرقعة التي تجري عليها، وتوفير شروط وصيغ التنسيق والتعاون داخل المؤسسة التشريعية، للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من القيمة السياسية لنتائج الانتخابات، وعدم الانجرار نحو المشاركة في لعبة ثنائية “أغلبية معارضة” التي ستصبح مجرد ملهاة، لأنها ستكون مؤسسة على تحالف وقع تحت الإكراه وربما تحت النصب والاحتيال، وبالتالي لن يكون عاكسا لحقيقة اختيارات المواطنين.