أحمد الطيب – كود الرباط //
قال فؤاد أعلوان أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، في تصريحات لـ”كَود”، أن خطاب 9 مارس 2011 كان لحظة تاريخية فارقة في تاريخ المملكة بما حمله من مرتكزات أساسية مهدت لتعديل دستوري شامل حمل إصلاحات كثيرة.
وهمت هذه الإصلاحات، حسب الأستاذ أعلوان، النسق الدستوري للدولة، خاصة المتعلقة بتعزيز صلاحيات رئيس الحكومة وتوسيع سلطات البرلمان في المجال التشريعي وتكريس مبدأ فصل السلط وتعزيز استقلالية القضاء، وضمان المزيد من الحقوق والحريات وتكريس المناصفة.
وذكر أنه “بالرغم من ضرورة الإقرار بأهمية الإصلاحات الدستورية التي حملها دستور 2011، لم تنجح الوثيقة الدستورية، بعد مرور أكثر من 10 سنوات على إقرارها، في تطوير وتخليق الحياة السياسية وتأهيل الفاعلين، والتأسيس للحكم الرشيد وضمان التوزيع العادل للثروة”.
وأضاف أن “الوثيقة الدستورية لم تنجح في تكريس الخيار الديمقراطي الذي يعد أحد الثوابت الجامعة للمملكة بموجب الفصل الأول من الدستور، خاصة بعد سيطرة التقنوقراط على أغلب الحكومات المتعاقبة، يشغلون في معظمهم وزارات السيادة والقطاعات الإستراتيجية، بشكل يجعل منها حكومات تصريف أعمال بعيدة كل البعد عن وضع السياسات العامة أو المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية”.
وتساءل الأستاذ الجامعي أعلوان، في ذات التصريح، قائلاً: “أين يمكن الخلل؟ في النص الدستوري في حد ذاته، في الممارسة، أم فيهما معا؟”.
ويرى المتحدث أن “الغموض يكتنف مجموعة من الفصول في دستور 2011 كما تعتري مضامينه الكثير من النواقص، ناهيك عن الجدل المرافق للهندسة الدستورية في حد ذاتها. فدستور 2011 حافظ على موقع المؤسسة الملكية في مركز الحياة السياسية والدستورية، وحتى مع افتراض استقلال السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية عن بعضها البعض بموجب الفصل الأول من الدستور المغربي، فإنها بقيت خاضعة في نفس الوقت لسلطة رئيس الدولة”.
كما أكد أن الدستور الجديد فرض بعض القيود على العملية التشريعية، “فبالرغم من التعزيز النسبي لصلاحيات البرلمان الدستورية، فإنه يظل مع ذلك خاضعا للسلطة التنفيذية. لكن المشكل الحقيقي يكمن في عدم تفعيل مجموعة من النصوص الدستورية، فمظاهر التفاوت بين النص والممارسة كثيرة ومتعددة، حيث لم يتم تنزيل الكثير من مضامين الدستور على أرض الواقع، خاصة المتعلقة بالهوية (اللغة الأمازيغية) وتوازن السلط والحريات والحقوق الأساسية”. يقول الأستاذ أعوان لـ”كَود”.
وأضاف: “أن الانتقال الديمقراطي غير المكتمل بسبب عدم تنزيل مقتضيات الوثيقة الدستورية يهدد دولة القانون الذي أرسى دستور 2011 أسسها، ومع أن التقاليد السياسية الموروثة وخصوصيات النظام السياسي المغربي وهيمنة لغة التوافق والتراضي لا تساعد في الحفاظ على روح الدستور وتحقيق غاياته”.
وشدد على ضرورة توفر إرادة سياسية حقيقية من طرف كل الفاعلين السياسيين لترجمة النصوص الدستورية على أرض الواقع حفاظا على الاستقرار السياسي وتحقيقا للتنمية المستدامة وكذا من أجل إنجاح النموذج التنموي الجديد، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تواجهها المملكة بسبب تداعيات جائحة كورونا.