
أنس العمري -كود///
أعاد الهجوم على الكنائس في الجزيرة الخضراء إلى الواجهة خطر التهديد الإرهابي، الذي يواصل تشكيل كابوس للأجهزة الأمنية عبر العالم بتغذيه على تطرف ذئاب منفردة تظهر بين الفينة والأخرى، لتفجر عنفها في وجه أبرياء من خلال وسائل مختلفة وبدوافع عقائدية، أو اجتماعية، أو نفسية، أو حتى مرضية دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، ومن دون أن يكون لهم ارتباط مباشر بشبكة على الأرض المستهدفة.
فهذا الاعتداء لم يكن سوى تجسيد جديد لما تسهم فيه هذه الظاهرة من بقاء هكذا تهديد قائما، وهو ما تطرقت له صحيفة “هيرالدو” الإسبانية في مقال نشرته حول الموضوع.
ففي تحليلها، اعتبرت أن المغربي ياسين. ق، الذي يتابع بتهمة تنفيذ العملية، التي لم تتبناها رسميا أية منظمة إرهابية رغم حديث إرهابيي “داعش” عنها وتمجيدها في منتدياتهم، يشكل حالة فريدة للغاية.
وذكرت أن هذا التفرد تدعمه مسألتين تثيران الاهتمام بخصوص المتهم المفترض بتنفيذ الاعتداء، الذي لم يكن مُسجلا لدى الشرطة الإسبانية كشخص متطرف، كما أن اطلاعه مؤخرا لأيامٍ على مضامين جهادية بسيطة في الإنترنت، حسب تحليلات بعض الخبراء الأمنيين، لم يصل إلى حد الاطلاع على الأدبيات الجهادية أو عُدة الإيديولوجيا الجهادية كاملة ليكون شخصا متشبعا بالأفكار الإسلاموية المتطرفة كنسق متكامل”.
فيعدما أوضحت أن التطرف عبر الإنترنت يكون أسرع لأن المرشح للتطرف هو من يبحث عن العدة الجهادية ولا توجد إرادة مشتركة بين المجنَّد والمجنِّد، قبل أن تستطرد مؤكدة بأن التطرف الذاتي لإرهابي نيس عام 2016، تطلب شهر ونصف من التشبع من خلال الإنترنت، حددت المسألة في ممارسته لصلاة الجماعة في مسجد، والذي يعتبره المتبنين للفكر السلفي الجهادي بأنه “مسجد ضرار”، يتردد عليه غير الملتزمين بعقيدة “الولاء والبراء” ويؤمه إمامٌ من “سحرة الطاغوت”، حسب مفاهيمهم، غير ملتزم بمبدأ “الحاكمية” ويدفع الضرائب “للكفار” بدل التبرؤ منهم والتعبد ببغضهم، حسب ما تفرضه العقيدة السلفية المتطرفة.
أما المسألة الثانية، تضيف الصحيفة، فهي أن المضامين الجهادية التي قد يكون اطلع عليها لم تكن كافيّة لكي يقوم بالتمرين السيكولوجي الداخلي الذي ينتقل بموجبه من مرحلة النظر إلى الضحية (الذي لا تربطه بها أية علاقة) كذات إلى مرحلة رؤيتها كشيء، أي تشييئها، وبالتالي التحرر من التقمص العاطفي من آلام الغير.
من المحتمل، توضح “هيرالدو” في تحليلها، أن يكون ياسين مصاب بانفصام الشخصية، رغم أن الخبراء وحدهم من يستطيعون الحسم في ذلك، وربما برزت آثار هذا المرض بسبب استهلاكه المفرط لمخدر الحشيش، وكذلك نتيجةَ عدم تكيفه مع مجتمع مختلف ثقافيا وأيضا، بفعل وقع حياة الحجر الصحي.
ورجحت أن يكون الشاب المغربي شخصا امتلكته الطاقة السلبية وانضاف ذلك إلى مرضه النفسي، فبحث في معتقداته العميقة وكذلك في الإنترنت عن منظومة تواسيه في محنته، فلم يجد شيئا غير الدين، لكن هذا الأخير حوّل تلك الطاقة السلبية التي تسيطر عليه إلى شيء ملموس، إلى رجل دين مسيحي، رغم أن المختصين وحدهم من يستطيع التحديد الدقيق لكيفية تشكل النية الجنائية.
ومضت مفسرة أن تكون عملية إحراق نُسخ من القرآن في بعض البلدان الأوروبية مؤخرا، القشة التي قصمت ظهر البعير ليرتكب هذا الشاب هذه الجرائم البشعة والماسة بالنظام الاجتماعي، التي يستحق عنها أقسى العقوبات، إذا ثبُتت إدانته.