أحمد الطيب ـ كود//
من الصعب تصور الدفاع عن العدالة وعن دولة الحق والقانون ودولة الديمقراطية، وفي نفس الوقت فهم وتفهم وقبول الدفاع عن مناطق اللاقانون في دولة القانون! les Zones de Non droit لا يخلقها المثقفون والمدافعون عن حقوق الإنسان والمدافعون عن العدالة والمدافعون عن الديمقراطية أو هم مفترضون كذلك من بين أصحاب المهن الحرة. القانون إذا لم يطبق على الجميع ليس قانونا. والعدالة إذا لم تشمل الجميع ليست عدالة.
ما يقع اليوم وسط بعض هيئات المحامين لا يمكن فهمه ولا تفهمه. صحيح السياسة الجبائية يجب أن تكون عادلة وناجعة. عادلة حتى يساهم الجميع وليس البعض فقط، وناجعة أي يجب أن يجد الشخص لي خلص الضرائب الواجب لي أداه قد تحول إلى خدمات يستفيد منها هو وغيره من المواطنين. وهذان شرطان بالنسبة للجميع. هل نقبل أن يؤدي الموظفون والأجراء الضرائب كاملة وغير منقوصة ومقتطعة من المنبع، بينما آخرون لا يؤدونها أو يتهربون منها، وهكذا يصبح الموظفون والأجراء يؤدون الخدمات الاجتماعية التي يستفيد منها آخرون لا يؤدون شيئا؟ وكلما كان هناك تهرب ضريبي زاد ثقل الضرائب على الموظفين والأجراء والمؤسسات التي تؤدي ما عليها، وهي عموما مؤسسات عمومية أو خاصة معدودة على أصابع اليد.
اليوم هناك برامج اجتماعية كبرى من أجل عدالة اجتماعية وكرامة المواطن بتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والمساعدات المباشرة والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل، وكلها برامج ستساهم في تعزيز فرص التنمية بالنسبة للمغرب، ولكنها قبل ذلك ستساهم في توفير مزيد من المداخيل لهذه المهن الحرة نفسها.
الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان ستكون معاملاتهم مع تعميم التغطية الصحية كلها معروفة وشفافة من خلال صناديق التأمين. الموثقون والمحاسبون والمهندسون وغيرهم سيخضعون لتغييرات مسطرية لضبط الأتعاب والمداخيل لمزيد من الشفافية ولو بشكل تدريجي.
هل بعض الهيئات تعتبر أن المحامين لا مجال لأن تدخل الشفافية معاملاتهم المالية؟ هل يظن أحد أن بعض المحامين سيؤسسون لمناطق داخل المغرب غير خاضعة للقانون؟ هل يكفي القدرة على أخذ مصالح المواطنين وحريتهم وأخذ العدالة كرهينة للتمترس ضد تطبيق القانون؟ لا يكفي أن تقول الهيئات نحن لا نتهرب من تأدية الضرائب لكي يصدق الرأي العام ذلك.
هل من المعقول أصلا أن يتم أخذ العدالة كرهينة للدفاع عن مصالح مادية؟ المحامي حين يتوقف عن العمل بالمحكمة، مداخيله لا تتضرر لأنه يتابع عمله مع الموكلين والبحث عنهم في المكاتب، وأتعابه لا تتضرر لأنه يأخذها بالقضايا وليس بيوم عمل، بينما المواطنون يتضررون في حريتهم ومصالحهم وحقوقهم، والمقاولات كذلك…. من حق المحامي أن يحتج، ومن حق المحامون أن يتحدوا على كلمة واحدة، حقا كانت أو باطلا، هذا حقهم، لكن دون أخذ العدالة كرهينة!
الأفظع حين تُجبٍر هيئة محامين، وليس أي مهنة أخرى، تُجبر المحامين على الحضور الإلزامي للاحتجاج وتسجيل الأسماء وتحشرهم عنوة في الحافلات للمشاركة في وقفة احتجاجية بالرباط، وتهددهم بترتيب الآثار في حال الغياب!!!
متى كان المحامون يُساقون هكذا؟؟ متى كانت الحقوق الدستورية للمواطنين فالأحرى المحامين تداس هكذا؟
الأمر لا يتعلق بمعركة من أجل القضاء أو العدالة أو المحاماة… هي معركة من أجل مسطرة لاستخلاص الضرائب لا أقل ولا أكثر، يمكن مناقشة قدرها وآجالها وطريقتها، لكن ليس خلق مناطق لا تخضع للقوانين ولا للضرائب، فقط بسبب القدرة على تعطيل العدالة… نتمنى أن لا يتبعهم الأطباء والصيادلة بإغلاق عام تاركين المواطنين وجها لوجه أمام الموت وغياب العدالة، وقس على ذلك، عمال النظافة، ومستخدمو النقل والماء والكهرباء …