على حين غرة خرجوا، ودون سابق إنذار ظهروا دفعة واحدة، ليعلنوا عن دفاعهم المستميت عن الملك، بشكل مقزز ويدعو إلى الريبة.
أشهرهم يحمل ساطورا ويهدد حركة 20 فبراير إن هي تمادت في التظاهر وتنظيم المسيرات، وأكثرهم إثارة للضحك والغيظ في نفس الوقت يدافع عن"عمارة المؤمنين"، كما قال بعظمة لسانه في فيديو متوفر على الشبكة، ويهدد هو الآخر شباب الحركة"الملاحدة" بالويل والثبور وعظائم الأمور، وأوفرهم ذكاء جاؤوا بالحافلات من كل حدب وصوب وصرخوا في الرباط ضد العدل والإحسان  والنهج اللذين يعطلان التجارة وحركة السير.
لا يبدو الأمر بريئا بالمرة، وهناك غباء فاضح لدى من تفتقت عبقريته عن هذه الخطة لمواجهة إصرار الحركة على الخروج إلى الشارع، لأن كل ما شاهدناه يسيء إلى الملك وإلى السلطة وإلى المغرب أكثر مما يقدم خدمة لهم.
 
اللازمة نفسها تتكرر، وكل الذين أوكلت لهم هذه المهمة يستظهرونها عن ظهر قلب، مع وجود أشخاص لا يحفظون ما قيل لهم جيدا، لمستواهم الدراسي المتدني، فيقعون في أخطاء صارخة، تؤكد بالفعل أن أشخاصا يقفون خلفهم، وهم الذين لقنوهم درس المحفوظات، قبل أن يكتشفوا أن تلاميذهم كسالى وذاكرتهم لا تستوعب الدروس بشكل جيد.
كانت الحصة في حجرة الدرس تتضمن مادتين أساسيتين، الأولى تخص بعض تيارات اليسار وتركز على أنها مكونة من "الكفار" الذين يسعون إلى القضاء على الإسلام في المغرب وأنهم خونة ومتحالفون مع البوليساريو، والثانية على جماعة العدل والإحسان ونواياها في الاستيلاء على السلطة، إلا أن التلاميذ لا يستوعبون جيدا، ولذلك رسبوا جميعا وكانت النتائج التي حصلوا عليها دزينة أصفار مع أخطاء بالجملة في التعبير.
 
أبرز كسول هو ذلك التلميذ الذي خرج في سلا وبدل أن يدافع عن إمارة المؤمنين اختلط عليه الأمر وتحدث عن عمارة المؤمنين، ولأن رفاقه المشكلين في الغالب من النساء والأطفال أكثر نبوغا منه، فقد صفقوا بدورهم على نفس العمارة وعلى نصرته الملك و ذوده عن حياض المسلمين ضد مفطري رمضان ومروجي الشذوذ الجنسي، الذين يسعون إلى زعزعة استقرار المغرب وتهديد أمنه وإفساد أخلاقه، ولأنهم فتنوا بخطبته العصماء، فقد رفعوه على الأكتاف، وصرخوا "طلقونا عليهم طلقونا عليهم"، هكذا دون أن يرف لهم جفن و دون أن تحرك السلطة التي تقمع هذه الأيام شباب 20 فبراير ساكنا، وتستنطق هؤلاء الذين يجهرون بنيتهم في استعمال العنف ضد آلاف من المغاربة.
 
أخلاقيا تفوقت حركة 20 فبراير، رغم كل النقد الذي يمكن أن يوجه إليها، على مناوئيها، لأن خطابها واضح وسلمي ومنسجم واحتجاجي، أما هؤلاء الذين خرجوا هذه الأيام للدفاع عن الدولة ورموزها، فإنهم يشهرون استعدادهم  لممارسة العنف ويتحدثون بغرائزهم، وبدل أن يقدموا خدمة للدولة، يسيئون إليها ويمرغون سمعتها في التراب. 
وكما يوجد استفزاز وغياب لحس المسؤولية لدى بعض عناصر الحركة التي اختارت الأحياء الشعبية ساحة للاحتجاج، فإن الذين يحركون هؤلاء البسطاء ويدفعونهم إلى مواجهة 20 فبراير، يلعبون بالنار ويقلدون نماذج سيئة في العالم العربي، كلنا يعرف مآلها بعد لجوئها إلى هذه الحيلة التي لا تتوفر على ذرة ذكاء.
 
ولنكن صرحاء، ولنقل إن الإخراج سيء والفيلم رديء والسيناريو حبكته ضعيفة بممثلين لا تجربة لهم ومدفوعين دفعا إلى لعب هذه الأدوار، التي وإن استمروا فيها، يمكن أن يقع المحظور. 
 
إن الذين يقولون إنهم يحبون الملك، يجب أن يحترموه، وألا يتركوا شخصا يحمل ساطورا أو شابا مسطولا لا يعرف عما يتحدث يدافعان عنه، وإذا كانت هناك فعلا جهة في السلطة هي التي تقف خلف هذا السيرك، فهي التي تهدد أمن المغرب وسمعته وتسيء إلى الملك، وليس شباب حركة 20 فبراير.