كود الرباط//

أثارت كلمة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عقب انتخابه أمينا عاما للحزب في مؤتمر بوزنيقة، جدلا بعدما دعا إسرائيل إلى التصالح مع الفلسطينيين، خصوصا وأن أبجديات الإسلاميين المغاربة كغيرهم من الإسلام السياسي في الشرق باغين زوال إسرائيل وكيدعمو المقاومة الشاملة ومكيأمنوش بحل الدولتين.

كلام بنكيران، في الحقيقة كان دقيق وسياسي وموجه للداخل والخارج، مفادها “البي جي دي ماشي ضد التطبيع لي يكون في صالح حقوق الفلسطينيين شريطة يكون صلح بين الدولتين وترفع إسرائيل يدها على حقوق الشعب الفلسطيني”، وكذلك يؤكد على أن هاد الموقف يدخل ضمن خط الواقعية السياسية الذي يسير عليه الحزب منذ سنوات.

ورغم الضجة التي خلفتها هذه الدعوة، إلا أن مواقف من هذا القبيل ليست جديدة داخل العدالة والتنمية. فقد سبق لعدد من قيادات الحزب التاريخية أن عبرت عن قناعتها بضرورة البحث عن حلول سياسية سلمية للقضية الفلسطينية، وعلى رأسهم الراحل عبد الله باها، الذي كان يرى في إقامة دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام خياراً واقعياً وممكناً، كما صرح بذلك في عدد من الاجتماعات الداخلية الحزبية. وفق مصادر خاصة.

تصريح بنكيران، جاء ليؤكد واقع الانقسام القائم داخل تيارات الإسلام السياسي المغربي تجاه القضية الفلسطينية وقضية التطبيع مع إسرائيل.

فمن جهة، هناك تيار يمثله حزب العدالة والتنمية، الذي اختار منذ سنوات أن ينسجم مع المواقف الرسمية للدولة، معتبراً أن لا فائدة من الدخول في مواجهة مع القرارات السيادية، وهو ما عبر عنه بنكيران بشكل واضح حين دافع عن توقيع سعد الدين العثماني لاتفاق التطبيع سنة 2020، معتبراً إياه “رجل شريف وعفيف‘‘.

بنكيران، من موقعه القيادي، حرص على التمييز بين موقف الحزب الذي ينتصر لفلسطين كشعب وقضية عادلة، وبين تفهمه لمصالح الدولة واختياراتها في سياق إقليمي ودولي صعب.

في المقابل، تمثل جماعة العدل والإحسان، التيار الثاني في الإسلام السياسي المغربي، الأكثر تشددا في المواقف بخصوص قضية فلسطين. فالجماعة ترفض الاعتراف بشرعية النظام السياسي القائم، تقاطع الانتخابات، وتعارض الدستور المغربي، كما أن خطابها تجاه القضية الفلسطينية يتسم براديكالية واضحة، ظهر آخر تجلياتها في مسيرات رفعت فيها شعارات متطرفة ضد شخصيات رسمية بارزة مثل المستشار الملكي أندري أزولاي.

وسط هذا المشهد، يبدو حزب العدالة والتنمية بمثابة “خط وسط” في الإسلام السياسي المغربي: محافظ على قناعاته الإيديولوجية التقليدية، لكنه كيحاول التكيف مع واقع الدولة ومصالحها الاستراتيجية.

ويصف كثيرون عبد الإله بنكيران بأنه رجل ’’إطفائي” في الأزمات، بل و”رجل إنقاذ” خصوصا بعدما استطاع أن يحمي الحزب من الانهيار الشامل عقب نكسة الانتخابات التشريعية لسنة 2021، حين انهار الحزب بشكل غير متوقع من قيادة الحكومة إلى عدد محدود جدا من المقاعد في البرلمان.

تصريح بنكيران الأخير، مهما كانت ردود الفعل عليه، يسلط الضوء مرة أخرى على تحولات الإسلام السياسي في المغرب، بين واقعية البي جي دي الذي يراعي مصالح الدولة والاحتكام لمبادئ القضية الفلسطينية، وبين “تشدد” مواقف الجماعة التي تقتنع بعد بأهمية المشاركة السياسية في إصلاح الأوضاع.