حميد زيد – كود//

كل أصدقائي.

كل الذين الذين كنت ألتقي بهم في المسيرات والمظاهرات.

كلهم تغيروا.

وصاروا يعيرونني.

ويعتبرونني شخصا من الماضي.

كلهم.

كل رفاقي.

كل إخوتي.

كل أحبابي.

كل من أمضيت بصحبتهم مرحلة مهمة من حياتي.

لم أعد أعثر عليهم في مسيرات التضامن مع فلسطين.

بعد أن أصبح لهم رأي آخر.

كلهم.

كلهم يرونني الآن شخصا غريبا.

و إخوانيا. و حمساويا.

ومتخلفا.

وأخدم أجندات خارجية.

كل أهلي. وكل عشيرتي. صارت لهم اليوم وجهة.

ولي أنا وجهة أخرى.

ولا نلتقي.

ولمّا يذهبون إلى وجهتهم. أذهب أنا إلى العدالة والتنمية وإلى العدل والإحسان.

فينظر إليّ الجميع بعين الريبة.

وينظرون إليّ نظرات متوجسة.

ويشكون في.

ويعتبرني البعض مندسا.

و يعتبرني أصدقائي شخصا متطرفا. ويطالبونني بأن أدين المقاومة.

وأرفض ذلك.

وقد خسرت اليسار. وخسرت اليمين. وخسرت السلطة. وخسرت معارضي السلطة.

وحتى أصدقائي من غلاة الأمازيغ خسرتهم.

ولم أعد أستفيد من دعواتهم الكريمة.

ومن نقاشاتهم.

ومن جلساتهم الليلية.

بعد أن أصبحت في نظرهم قومجيا وبعثيا يجب الحذر منه.

وتجنب مجالسته.

لئلا أنقل ما يدور بينهم من كلام ومن تحليلات إلى العرب الذين يشغلونني.

وقد كنت في زمن مضى ألتقي الاتحاديين.

لكنهم بدورهم أخلوا الساحة.

ملتزمين بتوجيهات كاتبهم الأول الذي لم يعد مقتنعا بجدوى التظاهر والتضامن مع فلسطين.

وقد تعثر على الذهب في المسيرة.

وقد تعثر على الكبريت الأحمر. لكنك أبدا لن تعثر على اتحادي واحد.

وكنتٌ ألتقي الكتاب. والشعراء.

بينما كل هذا تبخر.

واختفى أهلي وأصدقائي من كل الساحات.

ومن كل المطالب.

ومن السياسة. ومن الشارع. لأجد نفسي عالقا بين خصومي.

وبين من لا أقتسم معهم أي شيء.

وحتى في بيتي.

وحتى في الموقع الذي أشتغل فيه

فقد صرت نشازا.

وغير ملتزم بالخط التحريري.

معتبرا نفسي من عرب كود.

أو من صحافيي الداخل. الذين لم يغادروا أرضهم.

ليجدوا أنفسهم. بعد السابع من أكتوبر. خاضعين لواقع صحافي مغربي جديد.

بعد أن تم احتلال خط كود التحريري.

وبعد أن تم فرض الأمر الواقع.

وقد تم تصنيفي.

و وصمي.

و نعتوني بالكوفي. التابع لجماعة الكوفيين.

رغم أني لم أضع كوفية منذ أن فقدت وأنا مراهق كوفية أصلية منحتها لي سفارة فلسطين في المعرض الدولي للكتاب.

فمن كان يتوقع أن يحصل كل هذا.

من كان يتوقع أن يجد المرء نفسه وحيدا.

ومنبوذا.

متظاهرا مع أعدائه.

ومع من لا يتقاسم معهم أي شيء.

ومع من لا يمكن أن يشرب معهم كأسا في النادي

بعد نهاية المسيرة.

من كان يتوقع أن يصبح الأخ غريبا عنك. والصديق خصما.

ولا جلسة بعد المسيرة.

ولا من يغريك بأي شيء.

ولا من يوجّه إليك أي دعوة.

من كان يتوقع أن أجد نفسي بين عشية وضحاها

في مسيرة

جنب عزيز هانوي

وأن ألتقي صديقي حسن حمورو

و عددا من إخوتي في حزب العدالة والتنمية

الذين استقبلوني بالأحضان.

وقد أكون خسرت كل العالم

وخسرت زملائي في كود

وفي عدد من المنابر

وخسرت أهلي وعشيرتي

وخسرت جلسات غلاة الأمازيغ التي لا تنتهي إلا في وقت متأخر من الليل.

لكن هذا كله لا يهم

بعد أن ربحت البطل أحمد ويحمان.