عمر المزين – كود///

أيام قليلة وسنودع سنة 2024 التي كانت مليئة بالأحداث التي عرفتها مدينة فاس العاصمة الروحية والعلمية للمملكة، أحداث خلفت ارتياح كبير في نفوس الساكنة الفاسية، إذ تميزت هذه السنة بتفكيك شبكات إجرامية خطيرة تتنوع بين الفساد المالي والإداري، بالإضافة إلى الإطاحة بشبكات أخرى حاولت إغراق المدينة والنواحي بالمخدرات والمؤثرات العقلية.

وقد جرى تفكيك هذه الشبكات الإجرامية المنظمة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وفرعها الجهوي المتواجد بولاية الأمن، بالإضافة إلى المصلحة الولائية للشرطة القضائية، والقاسم المشترك بين هذه العمليات كما يتابع الرأي العام الفاسي والوطني هو أنها تتم دائما بتنسيق وبناء على معلومات دقيقة توفرها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المعروف اختصارا بـ”الديستي”.

العمليات الأمنية النوعية التي انتهت بإحالة العشرات على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، خلفت ارتياحا كبيرا نظرا لخطورة الأفعال الإجرامية التي تورطت فيها هذه الشبكات.

ويظهر جليا أن مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني على صعيد مدينة فاس سخرت أثناء تفكيك هذه الشبكات الإجرامية كل الإمكانيات البشرية واللوجيستيكية من أجل رصد مختلف العمليات الإجرامية التي تتورط فيها شبكات منظمة، وذلك في إطار مساهمتها الفعالة في تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد والتلاعب في المال العام، تفعيلا للتوجيهات الملكية، ومن بين هذه الشبكات الإجرامية المفككة خلال سنة 2024:

شبكة متخصصة في تزوير دبلومات مؤسسات أجنبية ووطنية وعدد من الوثائق الإدارية:

أحالت عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة فاس، على النيابة العامة المختصة، أربعة أشخاص، وذلك على خلفية تورطهم في نشاط شبكة إجرامية متخصصة في تزوير دبلومات مؤسسات أجنبية ووطنية وعدد من الوثائق الإدارية.

وقد جرى تفكيك هذه الشبكة الإجرامية بناءً على معلومات دقيقة وميدانية وفرتها مصالح المديرية الجهوية لمراقبة التراب الوطني بفاس.

وكشفت الأبحاث والتحريات المنجزة في إطار هذه القضية أن أفراد الشبكة الإجرامية، من بينهم مواطنين يحملان الجنسية الكاميرونية والتشادية، ارتكبوا أفعال إجرامية تتمثل في تزوير دبلومات لمؤسسات تعليمية وطنية وأجنبية منها، وكذا مختلف الوثائق الإدارية، شواهد عمل، شواهد أجرة وعقود كراء وهمية، وبيعها للأفارقة من دول جنوب الصحراء.

شبكة “دودوح” لتهريب المخدرات على الصعيد الدولي:

هذه الشبكة تخصصت في التهريب الدولي للمخدرات وتبييض الأموال والارتشاء وقد جرى الإطاحة بها أيضاَ بعد معلومات استخباراتية دقيقة وميدانية وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهي الشبكة التي تضم رجل أعمال وصاحب مكتب الصرف، فيما يتواصل حاليا البحث مع باقي الأسماء التي وردت أسماؤها في هذه القضية، ويتعلق الأمر بأمنيين وقاضٍ وكاتب مجلس جهة فاس مكناس الممنوع حاليا من مغادرة التراب الوطني بمناسبة الأبحاث المتواصلة في هذه القضية.

الشبكة أسست شركة لكراء السيارات وتتجه للاستثمار في النقل السياحي وكلها أنشطة للتغطية على تبييض الاموال، ولا زالت التحريات متواصلة في هذه القضية تحت الإشراف المباشر للوكيل العام للملك بفاس.

شبكة “الخليع الفاسد”:

أحالت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس على النيابة العامة المختصة شبكة تتكون من 20 شخصا، 18 منهم كانوا يوجدون تحت تدبير الحراسة النظرية، قبل متابعتهم بتهم جنحية ثقيلة.

وقد جرى توقيف المشتبه فيهم بناءً على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في عمليات أمنية متزامنة تم تنفيذها بعدد من الأحياء بمدينة فاس، وأكدت مصادرنا أن التحريات لا زالت متواصلة في هذه القضية تحت الإشراف المباشر للنيابة العامة المختصة.

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أن كميات “الخليع الفاسد” الذي تم حجزه بلغ وزنه إلى 9 طن و360 كيلوغرام، حيث تمت تهيئتها في أماكن غير مرخصة من قبل الجهات المختصة، مقابل 500 كيلوغرام من اللحوم غير الخاضعة للتفتيش البيطري.

شبكة “الزطاطا”:

أفراد هذه الشبكة جرى توقيفهم من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بناء على معلومات دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، حيث كانوا قد زوروا تذاكر لتوقيف السيارات تحمل الهوية البصرية لجماعة مدينة فاس.

كما ارتدوا أزياء مزيفة تحمل اسم نفس الهيئة، واستخدموها لابتزاز المواطنين وأصحاب السيارات واستخلاص واجبات وهمية مقابل الإيصالات المزورة المذكورة، وذلك بدعوى توفير الحماية لمركباتهم وحراسة ممتلكاتهم.

شبكة “الهاكرز”:

الأسلوب الإجرامي المتبع من طرف أفراد هذه الشبكة تحدد في استغلال ثغرة معلوماتية في تطبيق مؤسسة “البنك الشعبي” للقيام بعمليات سحب وتحويلات احتيالية، استولوا خلالها على مبالغ مالية مهمة قبل أن يحاولوا تبييض الأموال المتحصلة من هذا النشاط الإجرامي عن طريق شراء وتداول عملة رقمية محظورة.

وقد أسفرت الأبحاث والتحريات المنجزة عن تحديد هويات المتهمين، وتم توقيفهم بمدينتي فاس ومراكش، وذلك قبل أن تسفر عملية الضبط والتفتيش عن العثور بحوزتهم على مجموعة من الأجهزة الإلكترونية التي يشتبه في كونها استعملت في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.

وتم تفكيك هذه الشبكة من قبل عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة فاس بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وغيرها من الشبكات التي سقطت خلال سنة 2024.

ولم يمنع التتبع الدقيق لقضايا الفساد بشتى أشكالها، مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من رصد وتتبع شبكات أخرى تنشط في مجال الاتجار في المخدرات ولا سيما المؤثرات العقلية، بالإضافة إلى شبكات أخرى تنشط في مجال النصب والاحتيال على الأشخاص الراغبين في الهجرة إلى الخارج، وكذا شبكات إجرامية متخصصة في السرقات.

وتؤكد هذه العمليات الأمنية المكثفة والمتواصلة على أن لا أحد فوق القانون أو فوق المحاسبة، كما أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، عبد الرحيم زايدي، منذ قدومه إلى العاصمة العلمية، يتفاعل إيجابيا مع كل الملفات التي تحال عليه، ولا يتوانى في تطبيق القانون على الجميع كيفما كان موقعه أو مركزه.