
حميد زيد – كود//
ما كان نكبة بالنسبة إلى جيلي. صار اليوم عيدا لإسرائيل.
صار مناسبة.
صار رقصا. وغناء. وفرحا.
صار حفلا ينظمه مكتب الاتصال الإسرائلي بالرباط.
ويحضر له صحافي من كود.
ويغطيه.
دون أدنى حرج. ودون أي ذكر للسياق. وباستعداد مبالغ فيه للاحتفال.
ويحضر له برلمانيون.
لكن يبدو أن رمزية التاريخ. والأسماء. لم تعد تعني أي شيء في الوقت الحالي.
والنكبة الآن هي عيد وطني.
والكلمات بلا معنى.
والذاكرة لا أثر لها.
وكأن العلاقة الرسمية مع إسرائيل تفرض علينا أن نخلد ذكرى إعلان قيام دولة إسرائيل.
كأننا ملزمون بأن نشهر حبنا لما ارتكبته هذه الدولة.
ونفرح لما قامت به.
ونسعد لاحتلال اليهود لفلسطين.
وأن نرحب بها. ونصفق لتاريخها الأسود. ولجرائمها.
بينما لا أحد يجبرنا على ذلك.
ولا دولتنا تجبرنا.
ولا الاتفاق الموقع مع هذه الدولة يجبرنا على أي شيء.
ولستُ هنا ضد حضور الصحافة.
بل ضد أن نتحول إلى آلة دعاية لمكتب الاتصال الإسرائيلي.
وضد أن يرقص الصحافي.
وضد أن يصبح إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين.
وينخرط في “الجو” الإسرائيلي.
و ضد أن يصبح لسان حالهم.
وملمعا لصورتهم.
ومكلفا لديهم بمهمة التواصل.
وشخصا موثوقا به لديهم.
وضد كل هذه البراءة في الاحتفال بيوم استقلال إسرائيل.
باعتباره مجرد يوم. مثل كل الأيام.
بينما هو ليس كذلك.
ولمن لا يعرف. ولمن يتظاهر بأنه لا يعرف.
ولمن لا يهمه الأمر.
فلا بأس أن نذكر الجميع بأنه المقابل للنكبة.
وفي وقت يحتفل فيه شعب إسرائيلي. هناك شعب آخر يعاني.
هناك شعب محتل.
شعب يشعر فيه هذا اليوم بنقيض ما يشعر به الإسرائيلي.
أي أنه عيد يحتفل فيه الإسرائيليون بكل ما ارتكبوه خلال كل هذه العقود.
ويحتفلون فيه باحتلالهم لأرض ليست لهم.
بينما ليس عيبا أن نتابع أنشطة مكتب الاتصال. ونغطيها. لكن العيب. والعار. هو أن ننخرط فيها.
العيب هو أن ننسى دور الصحافي.
و نندمج في المكتب. وفي الرواية الإسرائيلية. وفي السلام الإسرائيلي.
ونبدو كما لو أننا نشتغل لصالحهم.
وربما كانوا موفقين.
وربما. وبحكم تجربتهم. يختارون الصحافيين الأنسب لهم.
يختارون من لا يزعجهم.
ومن لا يذكرهم بجرائم دولتهم.
يختارون من يروج لخطابهم الرسمي
وهو سعيد
فقط لأنه بينهم.
وهذا ليس جيدا من الناحية المهنية.
والإنسانية.
هذا الأمر يسيء إلينا في موقع كود. ويجعل مكتب الاتصال الإسرائيلي محظوظا بوجودنا.
ويجعلنا نشتغل لصالح إسرائيل
دون أي مقابل يذكر.