حميد زيد – كود//
هل يرضى مواطن ليبي أن يفقد لاعبيه المحليين. الواحد بعد الآخر.
هل يرضى أن تصبح أنديته خالية من اللاعبين.
وأن لا يتفرج.
وأن لا يكون عدنه ديربي. وكلاسيكو.
هل يرضى أن لا يجد ماتشا في نهاية الأسبوع.
ولا يجد فريقا يشجعه.
هل يرضى الليبيون أن يأتي من يفرغ بطولتهم المحلية في كرة القدم.
ولا يبقى سوى المدرب. و الجمهور. والمدرجات الفارغة.
ومشاريع الملاعب.
والأكاديمية.
ولن أتحدث عن زريدة الذي كان يقوم بكل الأدوار في الرجاء البيضاوي.
و يسجل. ويدافع. ويهاجم. ويوزع. ويسقط. ويتمرغ في العشب. ويصاب. وينهض. ويجلس في الاحتياط. و يدخل ضمن التشكيلة الرسمية.
وفي وقت كنا في أمس الحاجة إليه.
حرمتمونا منه.
ولم تكتفوا بذلك. بل إنكم أيها الليبيون أخذتم منا حتى زكريا حدراف.
وحتى المعتزل لم تتركوه لنا.
وحتى من ليس له فريق.
وحتى من انتهى من الكرة وصار يفكر في أن يصبح ممثلا ونجما.
حتى هذا اللاعب السابق. الذي كان يسلينا. و يضحكنا.
ومن ليس له ضيف لبرنامجه فإنه كان يحضره. ضامنا النجاح. والمشاهدة الكبيرة.
دفعتم فيه الثمن و أخذتموه.
وبعد أن حصلتم عليه. صار المغرب خاليا من زكريا حدراف.
الذي كان يلعب دورا كبير في خلق حالة من التوازن النفسي للمغاربة.
بينما أنتم تظنونه مجرد لاعب.
ومهما دفعتم فيه.
فإن زكريا حدراف يستحق أكثر. ولا يقدر بأي ثمن.
ومن المؤسف أن نفرط فيه كمغاربة. ونسمح بأن يعيش بعيدا عنا في هذه الأوقات العصيبة والمتقلبة التي يمر منها العالم.
وفي كل ساعة. وفي كل يوم. نسمع أن لاعبا من المغرب ذهب إلى ليبيا.
بينما نحن مقبلون على تنظيم كأس العالم.
ولو استمر توقيعكم عقود احتراف مع اللاعبين المغاربة بهذه الوتيرة فإننا لن نجد من يلعب لنا في المستقبل.
ولن نجد بطولتنا الوطنية.
وحين نصل إلى 2030 لن نجد اللاعب المحلي.
ولن نجد من يطالب بالمناداة عليه إلى المنتخب. ومن يحتج على تهميشه.
ولن نعثر على نادي الرجاء البيضاوي. الذي قد يجد نفسه فجأة. وبكل عناصره. في طبرق. أو طرابلس. أو بنغازي. أو مصراتة.
والحال أن هذا الفريق له جمهور كبير في كل مدن وقرى المغرب.
وليس من الأخوة. ولا من العروبة في شيء. أيها الأشقاء الليبيون. أن تفرغوه من الداخل.
وتفرغوا البطولة.
وتقتلوا الشغف.
ولا شك أنكم تفرجتم فينا أيها الليبيون ونحن نغني هالا هالا هالا المغاربة سبوعا ورجالا.
ورغم ذلك
فإنكم لا تبالون بالأغنية. وتفضحون بطولتنا الوطنية. و تكشفوننا على حقيقتنا.
حيث يهرب كل يوم لاعب من دوري المحترفين في اتجاه بلادكم.
كأن البطولة المغربية هي الجحيم.
وليس من المعقول أن تهاجر الأدمغة المغربية. ويهاجر الأطباء إلى ألمانيا. ويتبعهم لاعبو البطولة.
ومن سيبقى في المغرب أيها الليبيون.
ومن يملأ المدرجات الفارغة.
ومن يحتج على التحكيم.
ومع من ستلعب نهضة بركان والجيش الملكي والفتح الرباطي.
بعد أن يحترف الجميع في ليبيا.
ويهرب معظم لاعبي الأندية الأخرى.
ومن سيصعد إلى القسم الوطني الأول. ومن سينزل. ومن سيلعب السد.
لكن يبدو أن كل هذا لا يهمكم أيها الليبيون.
و لا يهمكم الموقف المحرج الذي تضعون فيه جامعتنا الملكية لكرة القدم.
و عصبتنا.
وكل هذا دون اتصال واحد بفوزي لقجع.
ودون أن تستأذنوه.
ودون أن تخبروه.
قبل أن يستيقظ ويجد نفسه مهددا بأن يسير جامعة ملكية خالية من اللاعبين.
بعد أن هاجر معظم لاعبيها.
علما أننا مقبلون على استحقاقات نحتاج فيها إلى اللاعب المحلي.
الذي نلعب به مع العرب. ومع إخوتنا في إفريقيا.
بينما لم تتركوا لنا لاعبا محليا.
وبعد أن كنا سباقين إلى استعمال تقنية الڤار.
وبعد أن أنفقنا على ذلك المال الكثير.
وجددنا الملاعب وأصلحناها. وزرعنا فيها العشب الطبيعي.
وبعد أن أصبحنا رابع العالم.
تأتي أنديتكم أيها الليبيون و تشتري لاعبينا دفعة واحدة.
متسببة في إحراج كبير لنا.
و لبطولتنا المحلية. و لنموذجنا الاحترافي.
ولطموح لاعبينا.
كاشفة عن واقع الكرة في المغرب كما هو على حقيقته.
والتي لا يتردد ممارسوها لحظة
في هذا الهروب الجماعي
الذي نسميه احترافا في الخارج.