أنس العمري -كود//

كالت “جمعية التحدي للمساواة والمواطنة” أن واقعة التعنيف والتحرش الجنسي ومحاولة هتك عرض شابة بالشارع العام في مدينة طنجة، من قبل قاصرين ورشداء، هي “نتيجة مباشرة لغياب سياسات عمومية فعلية تحمي النساء والفتيات”.

وأضافت، في بلاغ ليها، أنها كتابع “بامتعاض وأسف”، هذه الواقعة التي استغل فيها قاصرون ورشداء عبور الضحية من ممر عمومي مكتظ باليافعين، “لممارسة أفعال مخزية ومشينة، مجرمة بالقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ومجموعة القانون الجنائي”.

وعبرات الجمعية عن أسفها لـ”تدني قيم عدد من الشباب اليافعين (قاصرين ورشداء) الذين تبنوا منطق العنف والكراهية ضد النساء والفتيات، واستغلوا سلطة جماعية تملكوها للحظات، واعتبروا الشابة المارة من أمامهم (حلقة ضعيفة) يجوز التعدي عليها، وعلى حرمة جسدها، وبالتالي امتهان كرامتها الإنسانية”.

وزادت وضحات أن “سن سياسات واستراتيجيات بعناوين حماية النساء من العنف، بقدر ما تؤكد على إرادة لدى الدولة المغربية اتجاه الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، فإن هذه الإرادة وفي غياب تدابير وإجراءات عملية، وموارد بشرية ومالية كفيلة بتنزيل هذه السياسات والبرامج تظل مجرد إعلان للنوايا، والمناهج التعليمية الوطنية هنا، واحدة من هذه السياسات العمومية المسؤولة بشكل مباشر، عن مثل هذه الأفعال والسلوكيات المشجوبة، فغياب مقاربة النوع الاجتماعي عن أقسام الدراسة، بما تمثله كقيمة ومنهج لتنشئة الأجيال المقبلة على القيم الإنسانية”.

وأكدات أن “ممارسة هذه الأفعال، من قبل قاصرين، يسائل دور الأسرة من جهة، ودور مؤسسات التنشئة الاجتماعية، من جهة ثانية، لكنه يسائل أساسا واقعا ملموسا، فتعنيف القاصرين للنساء والفتيات، أصبح أمرا متكررا الى درجة الاعتياد، وهو يدفعنا للتأكيد على أهمية تعزيز مقاربة التحسيس والتوعية في صفوفهم داخل المدرسة وخارجها، مع أهمية تشديد المقاربة العقابية في حق ممارسي هذه الأفعال، نظرا لخطورتها وأضرارها الجسدية والنفسية المستمرة في الزمن بالنسبة للضحايا”.

وشددت الجمعية على دور “الإعلام الوطني، كفاعل أساس في حماية النساء والفتيات والتعريف بمعاناتها اليومية مع العنف المبني على النوع، وبدون انخراط جدي لهذا المجال الحيوي ستظل قضايا المرأة المغربية، مغيبة عن النقاش العمومي”.

كما طالبات الجهات المعنية بسن تشريعات جنائية كفيلة بزجر الجناة في جرائم العنف والعنف الرقمي ضد المرأة، اعتبارا لمحدودية تطبيق مقتضيات القانون 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات، الذي بلغ مداه، وأكدت تقارير رسمية محدوديته.

وطالبات كذلك بإعمال تدابير تنظيمية عملية تكفل إمكانية، التقاط وتسجيل ما يقع بالشارع العام (من سلوكات مشينة ومجرمة)، بما ييسر سبل الإثبات على النساء ضحايا جرائم العنف.

ودعات الجهات القضائية المعنية، وفي مقدمتها رئاسة النيابة العامة، إلى إعمال صلاحياتها القانونية في متابعة مختلف المشتبه بهم، في ارتكاب جرائم تتعلق بالمس بالمرأة بسبب جنسها، وكذا التسريع بمعالجة الشكايات الموضوعة من قبل النساء والفتيات في جرائم العنف الممارس ضدهن.

وطالبت الجمعية الجماعات الترابية، التي ألزمها القانون بإرساء برامج وتدابير من ضمن اختصاصاتها الذاتية، تتعلق بمقاربة النوع الاجتماعي، وحماية المرأة وتمكينها، بالتدخل بالمساهمة في التحسيس، عبر اللوحات الاشهارية التابعة لها والموجودة في مختلف المدن المغربية، من خلال تعريف عموم المواطنات والمواطنين بمخاطر تعنيف النساء على المجتمع ككل وبسبل الولوج للعدالة والانتصاف القضائي.

كما حثت الجمعية، وسائل الإعلام الوطنية، على أن تساهم بالقدر الكافي في فتح النقاشات العمومية حول أوضاع النساء بالمغرب، ولا سيما حينما يتعلق الأمر بالانتهاكات الجسيمة لحقوقهن وكرامتهن.

واعتبرات أن “العمل اليومي الذي تقوم به الجمعية مع نساء وفتيات من مختلف مناطق المغرب، يؤكد أن العنف ضد النساء بمختلف أشكاله وتجلياته، مستمر رغم السياسات العمومية المحدثة، عنفٌ لا تترجمه فقط نازلة الحال، والتي تيسر للضحية وسيلة الإثبات في سياقها، وسَهُل التعرف إلى الجناة من خلالها، لكنها تسائل الآلاف من جرائم التحرش ومحاولات هتك العرض بالفضاء العام وبفضاءات العمل الخاصة وداخل منصات ووسائط التواصل الاجتماعي، لكن الضحايا هنا يستحيل عليهن الإثبات الملقى أصلا على عاتقهن مما يقوض ويحد من سبل انتصافهن قضائيا”.