كشفت جريدة “أخبار اليوم” المغربية في عددها ليوم أمس الثلاثاء أن مجموعة من المواطنين في مدينة طنجة احتلوا أراضي خاصة غير مملوكة للدولة وشرعوا في بناء مساكن فوقها بدون أي موجب حق، بل إنهم حصلوا على تراخيص بالبناء رغم عدم قانونية ما قاموا به.
الجريدة التي نقلت هذا الخبر أوضحت أن السلطات العمومية في طنجة منحت هؤلاء السكان رخص البناء بشكل غير قانوني خوفا من اندلاع مواجهات بين السكان والقوات العمومية إذا أرادت تطبيق القانون وطرد هؤلاء من الأراضي التي احتلوها، خاصة وأن أفرادا من حركة 20 فبراير حاولوا تعبئة هؤلاء السكان لمواجهة قوات الأمن إن هي لجأت إلى تطبيق القانون، حسب نفس المصدر.
خطورة هذه الواقعة أنها تندرج في سياق تساهل غير معقول من طرف السلطات العمومية مع مجموعة من مظاهر خرق القانون من طرف الباعة المتجولين وقاطني السكن العشوائي خوفا، على ما يبدو، من تأجيج احتجاجات قد تتطور إلى مواجهات في سياق إقليمي ووطني يتميز بعدم الاستقرار. فضلا عن القرارات التي اتخذها عباس الفاسي، الوزير الأول السابق، بتوظيف أفواج من العاطلين عن العمل في الوظيفة العمومية دون أية مراعاة للجدوى الاقتصادية من وراء ذلك ومدى قدرة ميزانية الدولة على تحمل هذه النفقات.
هذا التواطؤ الخطير على خرق القانون وعدم الاكثرات بالمصالح العليا للمواطنين في تدبير موارد الدولة وصرف الأموال العمومية، يقابله تواطؤ أفظع من طرف أغلبية النخب السياسية مع سياسات جائرة في تدبير القطاعات الاجتماعية، أو لجوء مفرط للعنف في بعض الحالات.
مقابل التساهل مع احتلال الملك العمومي وغض الطرف عن السكن العشوائي، لا يجرأ أحد من النخب السياسية على استنكار السياسات التي مكنت المنعشين العقاريين من مراكمة أموال طائلة على مدى السنين الأخيرة وأدت إلى ارتفاع أثمان العقار بشكل خيالي، دون تحقيق الحد الأدنى من التزامات الدولة وشركائها في مجال السكن الاقتصادي. المثير أن حتى المجالات التي امتلكت بعض النخب الحزبية جرأة تناولها لم يتعدى النقاش بخصوصها مرحلة الشكوى والتشخيص ليسود الصمت المريب كلما بلغت الأمور مرحلة الحسم.
على سبيل المثال ظل الجميع يتحدث عن إصلاح صندوق المقاصة منذ سنوات وبمجرد ما طرح وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار فكرة صندوق وطني للتضامن من شأنه رفع ميزانية الصندوق بمساهمات “رمزية” لشركات تراكم أرباحا خيالية، حتى سحب قانون المالية الذي كان يتضمن هذا المقترح وأصبح موضوع معركة انتخابية طبعتها الشتائم وتبادل الاتهامات وضاعت فيها الحقيقة.
***