كود الرباط//

أطلقت السلطات الفرنسية تحذيرا من تمدد مشروع جماعة الإخوان المسلمين داخل المجتمع الفرنسي، مؤكدة في تقرير استخباراتي رسمي أن الخطر اليوم لم يعد مرتبطًا فقط بالتطرف العنيف، بل بما سمته بـ”الاختراق الصامت لمؤسسات الدولة والمجتمع عبر واجهات جمعوية ودينية وتعليمية تبدو معتدلة في الظاهر لكنها تخفي مشروعًا أيديولوجيًا انفصاليًا‘‘.

يؤكد التقرير، أن جماعة الإخوان المسلمين ’’طورت نموذجًا للتعايش مع الديمقراطيات الغربية ظاهريًا، لكنها في الواقع تسعى إلى تفكيك منظومة القيم الجمهورية الفرنسية، واستبدالها بمنظومة دينية تطمح لتأسيس مجتمع إسلامي موازٍ”.

ويميز التقرير بين الإسلام كدين، والإسلام السياسي كأيديولوجيا تنظيمية، معتبرا أن هذا الأخير يستغل أدوات الديمقراطية للتمدد، عبر التحكم في التعليم الديني واستعمال خطاب الضحية والإسلاموفوبيا، تكوين شبكات داخل المؤسسات والفضاءات العمومية، وتجنيد الشباب من داخل الجامعات والجمعيات.

شيوخ وخطباء: رموز التوجيه العقائدي

وحدد التقرير عددًا من الشخصيات التي تشكل مرجعيات فكرية وتنظيمية لمشروع الإخوان في أوروبا:

1/ يوسف القرضاوي: المنظر الفقهي الأكبر للحركة، شرعن “الجهاد ضد اليهود”، وأصدر فتاوى تتسامح مع العنف تحت غطاء “الاستشهاد‘‘.

2/طارق رمضان: المفكر السويسري وحفيد حسن البنا، يوصف بـ”مهندس الخطاب المزدوج”، حيث يدافع علنًا عن المواطنة والديمقراطية، لكنه يروج داخليًا لفكر الهيمنة الدينية.

3/هاني رمضان: شقيق طارق، يحمل خطابًا معاديًا للعلمانية والمساواة، تم طرده من عدة دول أوروبية.

4/ حسن إيكويسن: واعظ فرنسي من أصول مغربية، تم ترحيله من فرنسا بسبب تحريضه على الكراهية.

5/أحمد جاب الله وفايصل مولوي: قيادات فكرية وتنظيمية شكلت العمود الفقري لتكوين أجيال من الدعاة والخطباء في فرنسا.

التنظيمات.. شبكة أوروبية منظمة

يركز التقرير على شبكة واسعة تدير المشروع الإخواني في فرنسا وأوروبا، وأبرز مكوناتها:

•    Musulmans de France (UOIF سابقًا): الذراع الرسمي للإخوان، تشرف على المساجد، المعاهد، والخطاب الديني.

‏ •    FEMYSO : منظمة شبابية أوروبية تمثل الجيل الجديد من الإخوان، تشتغل ضمن الجامعات الأوروبية وتؤطر الطلبة.

•    CEM (مجلس المسلمين الأوروبي): مقره في بلجيكا، يُوصف بأنه “القيادة التنسيقية” لأذرع الإخوان في أوروبا، يتلقى دعمًا من تركيا ويضم أعضاء من فرنسا، ألمانيا، والنمسا.

•   معاهدIESH : سبعة مراكز تكوين في فرنسا وبلجيكا، تقدم نفسها كمعاهد علمية، لكنها تدرّس مواد شرعية على أساس مرجعيات إخوانية.

‏•   Europe Trust : مؤسسة مالية بريطانية، تُستخدم لنقل الأموال من الخليج إلى الجمعيات والمساجد المرتبطة بالإخوان.

التمويل والدعم السياسي: قطر وتركيا في قلب المعادلة

كشف التقرير أن التمدد الإخواني في أوروبا لا يمكن فهمه دون التطرق إلى التمويلات الآتية من:

قطر: تُمول مراكز إسلامية وجمعيات ومساجد عبر مؤسسات مثل “قطر الخيرية”، وتستثمر في شخصيات دينية مثل الشيخ ولد الددو الذي له نفوذ فكري على الجالية المسلمة في فرنسا.

تركيا: منذ 2013 أصبحت تركيا الحاضن السياسي واللوجستي للإخوان الهاربين من مصر وسوريا، وتوفر لهم غطاءً تنظيميًا عبر هيئة الشؤون الدينية  “Diyanet”، وتُنسق اجتماعاتهم الدورية عبر إسطنبول.

التقرير يصف هذه العلاقة بـ”الخطيرة على تماسك المجتمعات الأوروبية”، خصوصًا في ظل “استخدام الدين كأداة تأثير جيو-استراتيجية من طرف دول خارجية”.

ويقول التقرير: “الإخوان المسلمون يمثلون نموذجًا من التنظيمات ذات الخطاب الناعم، لكنها تُخفي تحت غطاء الدعوة مشروعا سياسيا مهيكلا، هدفه إضعاف الدولة العلمانية من الداخل وتكوين جيل جديد من المسلمين الأوروبيين يحمل ولاءً إيديولوجيًا بدل الولاء الوطني.”

كما دعا إلى مراجعة قوانين تمويل الجمعيات، وتعزيز الرقابة على التعليم الديني، وبناء “إسلام فرنسي مستقل عن التأثيرات الأجنبية”.