في سابقة من نوعها، خرج وزير الاتصال مصطفى الخلفي، في بلاغ عجيب للرد على جل الهيئات الحقوقية العالمية التي عبرت عن تضامنها ورفضها مع الصحفي علي أنوزلا، وذلك في سلوك استبدادي، يذكرنا بالأنظمة البوليسية، التي بدل أن تستمع لانتقادات جمعيات حقوق الإنسان، تلجأ للرد عليها عبر بلاغات بئيسة.
 
خروج الخلفي للعب دور “الغرَّاق” ضد صحفي قيد التحقيق، سبقه خروجا أخرا لوزير العدل مصطفى الرميد، هذا الأخير استبق التحقيقات وكيف التهمة للصحفي حتى قبل ان ينتهي التحقيق معه، مما يدل على أن ضرب استقلالية القضاء هو سياسة حزبية وليس فقط خطأ سقط فيه وزير من حزب المصباح.
 
تدخل وزراء العدالة والتنمية في القضاء، أصبح واضحا للجميع في قضية انوزلا، ودافع الانتقام من هذا الصحفي لم يعد يشكك فيه اي متتبع للقضية.
 
المثيرة للشفقة في بلاغ الخلفي، أن المنظمات التي هاجمها هي نفسها المنظمات الحقوقية التي كانت تدافع على عدم حل حزبه بعد أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية. وقتها أبدع محمد اليازغي في كيل الاتهامات للبجيدي، واتهم الحزب بالتحريض على الارهاب، وطالب بحله بمبررأنه يمس بأمن واستقرار المملكة، لكن العقلاء ومن بينهم الصحفي أنوزلا، كانوا ضد حل حزب الوزير مصطفى الخلفي.
 
شاءت الصدف أن يصبح مصطفى الخلفي وزيرا، ويستعمل نفس أساليب اليازغي الاستئصالية، من أجل الضغط على القضاء للزج بصحافي حر في زنازين الظلم والقهر.
 
بدل أن يلتزم الوزير الخلفي واجب التحفظ، خرج ساعات بعد اعتقال انوزلا مصرحا:” انا لست وصيا على انوزلا”، وذلك من أجل إعطاء الضوء الأخضر للقضاء لكي يبدع في جلد الصحفي المعتقل.
 
قضية علي انوزلا، لم تعد فقط قضية صحفي معتقل، بل أصبحت مؤشرا على فشل مشروع إصلاح العدالة حتى قبل بدايته، والذي يشرف عليه وزيرا لم يحترم المساطير القانونية في قضية اعتقال صحافي.
 
كما ان اعتقال انوزلا، عرى بشكل فاضح الوزير مصطفى الخلفي، وأبان لنا عن وجهه الاستبدادي المنتصر للتعسف عن القانون والدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي أعطت لحرية التعبير حيزا كبيرا ولم تقيدها بكلمات فضفاضة مثل “تمجيد الإرهاب” او “الإشادة بالارهاب”، وغيرها من الاتهامات التي تستعملها الأنظمة البوليسية للانتقام من الأقلام الحرة والآراء المزعجة.
 
من خلال تدخل الحكومة المباشر في قضية أنوزلا، يبدو أننا دخلنا في مرحلة جديدة من انتهاكات حقوق الإنسان، لهذا وجب على الشرفاء في المجتمع المدني، الاستعداد لما هو قادم، فوزراء البجيدي بشرونا بالأيام السوداء التي تنتظرنا.
 
ان قمة الانتهازية والضعف الأخلاقي لوزراء البجيدي، تجلى بشكل واضح في قضية أنوزلا، عندما انبرى هؤلاء للدفاع عن قرار خاطئ باعتقال صحفي، بل وتمادوا في غيهم بدون حياء في مواجهة خاسرة مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، دون مراعاة لسمعة المغرب في المحافل الدولية.
 
هذا التحول التاريخي في سلوك حزب بنكيران، يبشرنا باكتمال دورة الحزب نحو  الانتصار للنزعة السلطوية للدولة، وكل هذا من أجل البقاء في كرسي الوزارة المريح، والاستفادة من امتيازات المنصب الوزاري الرفيع.
 
التدخل السافر للحكومة في القضاء في قضية أنوزلا، هو المسمار الأخير في نعش الإصلاحات الموعودة من الحكومة ، سيضاف لحصيلة الحكومة السيئة، التى طبعها رفع الأسعار والانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان والتضييق على الحريات الفردية والجماعية والتسامح والتطبيع مع الفساد وناهبي المال العام.