حسن طارق ////
image
بالنسبة إلى جيلي ،يشغل هذا الوجه الإيطالي ذي القسمات الطفولية التي تخفي جسدا ضخما،حيزا كبيرا من الصور المختزنة في عمق ذاكرتنا البصرية والفنية .

كان الزمن زمن السينما. وكانت سينما شباك التذاكر بفرجتها الجماهيرية هي من يصنع مخيالنا الجماعي. لم نكن نخطأ موعدي الاثنين والخميس عندما يتم الإعلان عن ملصقي الفيلمين الجديدين،حيث سؤال “شنو تعلق؟”يصبح الأكثر رواجا . في الغالب كان يرتبط الأمر بفيلم هندي و فيلم للحركة .وهو ما كنا نسميه بلغة لذلك الوقت ب” التاريخ والجغرافية “أو “هندي وكراطي”.

قبل الهجوم الكاسح للفيديو ،وكل التحولات المجتمعية التي مست عالم الفرجة ،كانت السينما مؤسسة اجتماعية حاضرة بقوة في قلب حياة الشباب المغربي .وكان الذهاب إلى قاعة العرض تقليدا أسبوعبا عاديا ،تماما كما كان حدثا مرتبطا بالأعياد والمناسبات.
في صفرو كان هناك قاعتين للسينما ،”حب الملوك “و”المغرب العربي”،أكثر من ذلك وفي مدينة صغيرة مثل البهاليل ستفتح في نهاية الثمانينات سينما بمواصفات حقيقية .

قبل أن نتعرف في “لاميج”عن السينما البديل وعن السينما الجديدة ،وعن تقاليد الأندية السينمائية .كانت الذاكرة قد امتلئت على الأخر بما سنسميه فيما بعد-بكثير من التعالي الثقافي-سينما تجارية!

قبل ذلك كان”Bud spencer” أو إختصار “ترينتا”واحد من نجومنا الكبار -وأتصور أنه قد ظل كذلك – ،حيث لايمكن بتاتا تجاهل اشرطته السينمائية عندما تبرمج داخل القاعات .

في البداية أعتقد أن صاحبنا مثل في أحد الأفلام رفقة شريكه الممثل “Terence Hill”،حيث لعب هذا الأخير دور “ترينيتا”،لكن ما سيحتفظ به الجمهور المغربي بعد هذا الفيلم هو التمييز بين بطليه على أساس “ترينيتا الغليض” و”ترينيتا الرقيق”،ليحتفظ فيما بعد -بسبب غامض- ” Bud Spencer” لوحده بهذا الإسم السحري الذي طبع أجيالا بكاملها.
بجسمه السينمائي الفاره ،الذي يكاد يغطي الشاشة في اللقطات القريبة ،وحركاته وإيمائاته وتمويهاته الذكية (الفانتات ) ،كان يشد الأنفاس. لكمة واحدة من يده اليمنى كانت تترك القاعة الغاصة بالجمهور تنفجر ضحكات

ربما، هو اختلافه التام مع النماذج النمطية لأبطال افلام الحركة ،هو ماجعله أكثر قربا منا.

أكثر من ذلك ،وفي إحدى الحالات الاستثنائية للتماهي مع الشخصيات السينمائية ،قل ما تجد حيا مغربيا لا يحضر فيه من يتفق على حمله لهذا اللقب (ترينيتا ) لأسباب تتعلق بالشبه الجسماني أو بدرجة القرب النفسي والاجتماعي من حالة” ترينيتا”!. حالة هي مزيج سحري غامض من التمرد و السخرية و الأنفة .

وداعا ترينيا.وداعا زمن السينما.