حميد زيد-كود//

لكن لماذا؟

لماذا يمنع تجسيد المحامي في الأعمال الفنية.

لماذا قام محام برفع دعوى ضد سلسلة كوميدية.

الجواب بسيط.

لأن المحامي يزاول مهنة شريفة.

وليس  ممنوعا تقمص دور المحامي في الأعمال الفنية. وفي الدراما. وفي الكوميديا. فحسب.

بل تعتبر الكتابة عن المحامي بدورها حراما.

ولا يجب الاقتراب منه في الصحافة. وفي الرواية. وفي القصة. وفيالشعر. وفي المسرح. وفي كل حقول الإبداع.

وفي الأخبار. وفي القصاصات. وفي التقارير. وفي المقاهي. وفيالحياة العادية.

وفي الحديث الثانوي. وفي الجانبي. وفي الدردشة. وفي الوشوشة.

ولو بصوت خفيض.

ولو في السر.

وإذا رأيت المحامي مارا في الطريق. فمن الأفضل أن تختار طريقاأخرى.

تجنبْ المحامي قدر الإمكان.

ابتعد عنه. لأنه شريف.

هذه هي رسالة المحامي الذي رفع الدعوى.

وكي لا يقع المرء في المحظور. فمن المستحسن ألا يذكر المحامي علىلسانه وأن يتجنب الحديث عنه بالمطلق.

وهذا المقال ليس تجسيدا للمحامي. وليس كتابة عنه. وليس تمثيلا. وليس تغطية. حاشا. بل هو تحذير فقط من مغبة التطرق إليه. والحديث عنه.

فالمحامي. ذلك المحامي. كامل.

ونحن ناقصون. والناقص لا يحاكي ولا يجسد الكامل.

وهذا واضح ولا لبس فيه. ولا يحتاج إلى شرح.

لكن بعض الممثلين. و لجهلهم. فهم يصرون على ارتكاب مثل هذهالأخطاء.

وقد سبق لعدد من المحامين. ولجمعية من جمعيات المحامين الشباب. أن نبهوا إلى هذه النقطة.

وشرحوا لنا أن المحامي وعلى عكس معظم المهن. فهو يتميز بأنهيمارس مهنة شريفة.

وبالتالي فهو معفى من أداء الضرائب ومعصية لله أن تفرض عليه. مثلما تفرض الضرائب على المهن غير الشريفة.

لكننا لم نستوعب كلام بعض المحامين.

و لم نميز بين المهن. ولم نقم بتصنيفها. وفرزها.

فالموظفون. على سبيل المثال. ينقصهم الشرف. ويسمح بتمثيلهموتجسيدهم.

والسخرية منهم.

ويفرض عليهم أيضا أن يؤدوا الضرائب من رواتبهم.

ولن تسمع بموظف يرفع دعوى بسبب الإساءة إليه من ممثل فيفيلم.

أما الصحفيون فيجوز التمثيل بهم. واعتقالهم احتياطيا إلى أبدالآبدين.

لماذا؟

لأن الصحفي.وكما يقول عن نفسه. فمهنته هي مهنة المتاعب.

ولذلك يستحق الضرب. ويستحق السجن. حتى يستحق اللقب.

وحتى يتعب ويعرق ويلهث.

وحتى يكون جديرا بالمتاعب وباللقب. وحتى يكون سلطة رابعة.

وليس مقبولا منه أن يحتج.

وليس متاحا له أن يرفع دعوى.

على عكس المحامي الذي يزاول مهنة شريفة.

تفرض على الجميع توقيره. واحترامه.

وفي بلاد أخرى يعبدون المحامي.

ويقدسونه.

ويقدمون له القرابين. احتراما له. ولمهنته الشريفة.

بينما هنا. ومع تراجع القيم والأخلاق. فإننا لم نعد نميز بين المهن.

ولم نعد نوقر المهن التي يلزمنا توقير أصحابها.

ولا أفهم كيف يجرؤ البعض على تجسيد المحامي.

وعلى تصويره. وتأويله. وعلى وصف حالات منه.

وعلى تقمصه.

وعلى تشبيهه بالإنسان. بينما هذا كفر  صريح.

ويقود صاحبه مباشرة إلى جهنم.

ورغم الدور الكبير الذي يقوم به. ورغم دفاعه عنا في المحاكم.

ورغم أن له مكتب. وملفات كثيرة مكدسة فوق المكتب. وفي الجارور.

فإننا لم نحترمه. ولم نقدره. وفي غياب تام لحس المسؤولية. وفي كفربواح. قمنا بتجسيده في سلسة كوميدية.

بينما لا يقع هذا في أي بلد في العالم.

وقد يتطاولون في الغرب على رجل الأمن. وعلى السلطة. وعلىالوزير. وعلى القس. وعلى الأستاذ. وعلى الطبيب. وعلى المهندس. وعلى البستاني. وعلى الرب.

بينما للمحامي حرمة.

ولذلك فالمحامي. ذلك المحامي. غاضب من التخييل ومن التمثيل.

ويرفض أن نضع له صورا.

يرفض أن نجسده.

مع السماح لنا فقط بالإطراء عليه ومدحه والتغني به. وبشرف مهمته.

واعتباره ملاكا

يعيش مضطرا بين البشر الخطائين.

بينما هو كامل

وشريف

ولا تنتهك حرمته.

ومن يقترب. ومن يكتب عنه. فلن يلوم إلا نفسه.

وما يؤكد ذلك

أن لا واحد من المحامين لحد الساعة اعترض على ما قام به زميلهم.

ولا أحد منهم رفض التضييق على الإبداع

بل يبدو أنهم موافقون

وربما متضامنون

وربما يعتبرون أنفسهم يمارسون مهنة شريفة.

لا تمثل. ولا تجسد. ولا يكتب عنها. ولا عيب في مزاولتها.

ومن يفعل ذلك

ومن يقترب منهم

ومن يحاول الضحك. ومن يسخر. ومن يصف واقعا موجودا. ومنيحاكي.

يرفعون ضده دعوى استعجالية.

كما فعل زميلهم بالمسلسل.