محمد سقراط-كود

كما كان متوقعا وكما تمنى العديد من المغاربة، تم إطلاق سراح العديد من معتقلي حراك الريف بعد أن شملهم العفو الملكي بمناسبة عيد العرش ، ومعهم ثم اطلاق سراح معتقلي شبيبة العدالة والتنمية الذين آشادوا بمقتل السفير الروسي في تركيا، واعتبروا هذه العملية الإرهابية احقاقا للحق وتحقيقا للعدالة، وانتقاما لأطفال سوريا الذين يموتون جراء القصف الروسي، وطبعا بعد أن تخلى عندهم قادة حزبهم تذكرهم الملك وشملهم بعفوه ، رغم فداحة جرمهم الذي لا يخالف فكرهم كما عهدناهم .

منذ ترأس حزب العدالة والتنمية الحكومة ، المداويخ تزادت فيهم ضلعة، وأصبحوا لا يترددون في إعلان خونجتهم على الويب، ونشرها بل حتى وصل بهم الأمر لقمع أراء الآخرين وشن هجومات على من يخالفهم الرأي، سواء عبر تشويه صورتهم أو بالتبليغ عندهم لإدارة الفايسبوك ، حتى تحولوا لكتائب مجاهدة على النت ، وهكذا سموا أنفسهم بمثل هاد الإسماء الحربية مثل كتائب وفرسان ، ولم يسلم من بطشهم أحد من مخالفيهم ، سياسين أو صحافيين أو كتاب رأي ، شنوا حملات تشويه كثيرة ضد الأفراد مبنية على فساد اخلاقهم وسلوكاتهم وتعارضها مع إيديولوجية الكتائب التي يسمونها الإسلام الحق ، حتى خرجوا عن سيطرة قادتهم وأصبحوا يشكلون رأي مخالف للقيادة وأكثر تشددا ومؤذي ، ما دفع بقادتهم للتبرؤ منهم أو توبيخهم بغليظ الكلام ، كما فعل بنكيران عندما سماهم المداويخ .

وبلطجتهم هذه لم تقتصر على ما هو محلي، بل أخدت أبعادا عالمية، فأصبحوا يشكلون انكشارية موالية للحزب الحاكم في تركيا، أكثر من ولائها للوطن ولقضاياه وسياساته ومواقفه الدولية ، وهو ما أوصلهم لدرجة الإشادة بعملية ارهابية جبانة ضد سفير روسي ، هاته الإشادة التي لم تأتي من فراغ بل نتيجة تراكم لسلوكات رعناء وولاء أجوف ، حتى ظنوا بأنهم أقوى من قيادات حزبهم، وأقوى من التحكم والدولة العميقة والتماسيح والعفاريت، ويمكنهم مجابهتهم لوحدهم وإعلان تطرفهم بكل أريحية بدون خوف من أي متابعة ، لكن جرت الأمور عكس ذلك وتدخلت السلطة لقص جناح انكشارية العدالة والتنمية ، والنتيجة كانت عقوبات حبسية تبعها عفو ملكي .

لكن هل كانت المدة السجنية التي قضاها المداويخ كافية لهم للإتعاظ ، وفي حالتهم هل السجن كافي لتغيير فكر شخص ما ومواقفه، خصوصا إن كان يظنها حق لا يأتيه الباطل ، بينما هي باطل أريد به حق ، هذا مانرجوه فلقد كان الوطن رحيما معهم حين كانوا غير رحماء مع الإنسانية ، فالإشادة بعمل ارهابي جريمة في حق الإنسانية جمعاء ماشي غير فحق القانون المغربي ، ورغم أنها ليست فعل يلحق ضرر حسي ولكنها فعل يشجع على إلحاق الضرر بالأفراد والمجتمعات .