كود ـ إعداد : يونس أفطيط
من هم مؤسسوا حزب “بوديموس” إنهم بمثابة عشرين فبراير المغربية، شباب متحمسون تواقون للتغيير ومؤمنون بكل القضايا المدافعة عن القيم الانسانية وحقوق الانسان، وفي الوقت الذي يعتبر حزب “بوديموس” أو بترجمة حرفية “نستطيع” حزب جديد، فإنه أصبح فيمدة وجيزة جدا أن يتحول لنجم السياسة الاسبانية أمام تراجع النخبة السياسية وحزبي “سوسياليطا” و” بوبولار” اللذان يتناوبان على الحكم منذ صعود خوان كارلوس لحكم إسبانيا.
من هم مؤسسو “بوديموس”؟
الحزب الذي أصبح نجم نجوم السياسة وقفز إلى القمة في ظرف وجيز مزيحا أهرام السياسة في إسبانيا من طريقه تأسس في يناير من سنة 2014 وبعد أربعة أشهر فقط دخل لانتخابات البرلمان الاوروبي ليحصد خمسة مقاعد، وفي ظرف وجيز أيضا صار الحزب الثالث من حيث القاعدة الجماهيرية بمائة ألف منخرط، قبل أن يرتفع العدد إلى مائتي ألف منخرط ليصبح الحزب الثاني بإسبانيا.
وتأسس حزب “بوديموس” على يد مجموعة من الشباب الاسبان وغير الاسبان بينهم المغربية دينا بوسلهام التي أصبحت اليد اليمنى لزعيم الحزب “بابلو إغليسياس”، حيث إلتأم هؤلاء الشباب من درب النضال والاحتجاجات ضد الفساد الذي أوصل إسبانيا إلى طريق مسدود، قبل أن يقرروا تأسيس حزب “نستطيع” وهو الحزب الذي يهدف إلى إستطاعت قيادييه قيادة إسبانيا من جديد نحو إزدهارها.
سياسة الحزب
حزب “بوديموس” هو حزب الحالمين بإمتياز، فهم يعدون الاسبان بمنح جميع المواطنين غير العاملين راتبا شهريا محترما، بالاضافة إلى فتح الحدود أمام دول العالم ورفع التأشيرة بشكل نهائي عن جميع البشر، بالاضافة إلى مساندة جميع من يعتبرونهم مقهورين في العالم، كما تحسين التغطية الصحية والعديد من الامور الاخرى.
ويعتبر حزب “بوديموس” أن ملف الصحراء وصل إلى الحد الذي وصل إليه نتيجة تهاون الحكومة والملكية الاسبانية حيث يحمل كامل المسؤولية في مشكلة الصحراء لحكومته، ويعتبر بوديموس أن الصحراء ليست مغربية ويعد بمساندة البوليساريو ضد المغرب، وهو الامر الذي قد يتحول إلى واقع ويتغير بالتالي الموقف الاسباني الرسمي من مشكل الصحراء.
كيف تراجعت الاحزاب أمام “بوديموس”؟
كيف تمكن الحزب الشعبي “بوبولار” سنة 2011 ولأول مرة في تاريخ إسبانيا من الحصول على أغلبية مريحة لتشكيل الحكومة دون عقد تحالفات مع الاحزاب الجهوية؟ الاجابة على هذا السؤال تجيب مباشرة على سؤال بوديموس، حيث تمكن الحزب الشعبي من إحتلال الصدارة بأغلبية مريحة بسبب رغبة الحزب الاشتراكي “سوسياليسطا” عدم العودة للحكومة نتيجة الازمة التي تعصف بإسبانيا.
وقدم الحزب الشعبي قبل الانتخابات وعود فضفاضة في حين كان الاشتراكيون يعلمون أن الاول ماضي إلى حتفه السياسي نتيجة الوعود التي قدمها بإعادة الامور إلى نصابها في إسبانيا والقضاء على الازمة، الامر الذي لم يحقق منه الحزب الشعبي حتى خمسة بالمائة، لكون الازمة ما تكاد تنفرج حتى تعود مرة أخرى، وقد كان إنسحاب الحزب الاشتراكي من الانتخابات بشكل غير معلن خطة ذكية لتوريط غريمه التقليدي في الحكم ليتذوق من نار الانتقادات التي غرقت فيها حكومة الاشتراكيين قبل سنة 2011.
وفي الوقت الذي بدأ يظهر حزب “بوديموس” كمنقذ جديد للاسبان فإنه بالفعل منقذ لكن ليس للاسبان بل للحزب الشعبي والحزب الاشتراكي، اللذان يعانيان من الانتقادات ولا يرغبان في العودة للحكم في ظل الظروف الراهنة، وهو ما جعلهما ينكمشان برغبتهما أمام الحزب الجديد.
“بوديموس” ومستقبل إسبانيا… النفق المظلم
ماذا لو فاز “بوديموس” بالانتخابات المقبلة في ظل تنامي قوته بشكل رهيب داخل إسبانيا وإستطاع لوحده الحصول على أغلبية مريحة يشكل بها حكومة دون الالتجاء للحلفاء؟ الامر سيكون بالغ الخطورة على إسبانيا لأن فوز الحزب الشعبي أو الحزب الاشتراكي هو إستمرار لحكم أحزاب تعي جيدا كيف تتعامل مع الازمات ومع الجيران والاصدقاء، أما حزب بوديموس وفوزه بالحكومة فهو مثل طفل صغير منحته مسدس أوتوماتيكي وتنتظر ما الذي سيفعله به، أكيد أنه سيطلق النار عليك ثم يفرغ في الهواء، لأنه سيحاول تجريب الامر.
وبينما بدأ الاسبان يضعون ثقتهم في الشباب وينخرطون بكثافة في الحزب، فإن الاخير سيدخل إسبانيا في نفق مظلم وقد يعيدها عشرات السنوات للخلف إذا ما قرر بالفعل تنفيذ جميع وعوده بخزينة مالية فارغة إلا من إعانات الاتحاد الاوروبي الذي قد يقطعها أصلا إذا ما حاول الحكام المستقبليون أن يخالفوا أوامر ألمانيا وفرنسا ويفعلوا ما يرونه مناسبا، فهل ستدخل العلاقات المغربية الاسبانية إلى النفق المظلم مستقبلا بعد وصولها في المرحلة الحالية إلى أفضل المستويات رغم تواجد الحزب الشعبي في الحكومة، وهو الحزب المعروف بعداءه للمغرب؟ هذا ما سنعرفه بعد الانتخابات المقبلة.