حميد زيد كود ////
إلى غاية أمس كان بنكيران يحتل المشهد كله.
كان حزبا. كان قوة. كان أغلبية. كان فردا يمثل جماعة كبيرة.
لكنه صار اليوم فردا فقط.
وشيئا فشيئا يتقلص وتنفض عنه جماعته.
والآن هناك حزب العدالة والتنمية. وهناك بنكيران وحده. منعزلا. وحيدا.
لا أحد يقول هذا. ولا أحد يعترف. حتى هو لا يعترف. لكن بنكيران يتحول تدريجيا إلى فرد. والذين دفعوه إلى ذلك يعرفون أنها مسألة وقت. ليس إلا.
والوقت يمر. ومع الوقت يتعود الناس.
هكذا.
هكذا.
إلى أن يصير فردا فقط. ولا وجود للفرد في المغرب.
الفرد لا يصنع شيئا في هذا البلد. الفرد غائب. ومغيب. ولا دور له. والسياسة لعبة جماعة. وقد أخذوا منه جماعته.
وجماعته وافقت على ذلك.
جماعته منحته البطولة. ومنحته الذكرى. وأخذت منه الحزب.
والحزب لا يحتاج إلى بطولة.
الحزب قد يستمر وينجح أحيانا بالتخلي عنها.
وماذا يفعل بنكيران دون حزب.
إنها حيلة قديمة للسلطة. وعندنا أحزاب كانت قوية. وصارت اليوم مجموعة أفراد. وكل فرد يبحث عن موطىء قدم. بينا لا حزب له.
رغم المظاهر. ورغم الأسماء. ورغم العناوين الخادعة. والمقرات. فإن الأحزاب المغربية هي مجموعة أفراد. لا رابط بينها.
وبعد وقت سيتعب موقع كود من ترداد وصف بنعرفة.
وسوف تتعب شبيبة العدالة والتنمية. وسوف يتعب الغاضبون. وسوف ينسحب بعضهم. وسوف ينتظر البعض الآخر أن يمر الوقت.
والوقت دائما يمر. ومع مروره نتعود. وننسى. إلى أن يصير بنكيران ذكرى جميلة.
ومنغصة عند من ساهموا في جعله فردا. فردا فحسب. فردا كان يوما ما أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية. وكان ظاهرة.
والكل يعرف اليوم أن القصة ستنتهي على هذا الشكل.
وماذا بإمكان من يتحسر على ما حصل لبنكيران أن يفعل.
وليس بمقدوره أن يفعل أي شيء إلا أن يحتج. ويصرخ. بينما الوقت يعمل عمله. كما عودنا الوقت دائما. كما كانت وظيفته وستبقى.
والصراخ من الخارج لا تأثير له. ومجرد فرجة لا تزعج أحدا.
وسوف يزور الناس بنكيران. وسوف يلتقطون معه الصور. كفرد. وكفرد فحسب.
الذين حاربوا بنكيران غلبوه. وساعدهم حزب العدالة والتنمية. وقدم لهم يد العون.
وقالوا له في الحزب خذ البطولة.
خذ المجد.
خذ الموقف.
بينما اتركنا نشتغل.
دعنا نعيش الحياة الحزبية دون منغصات.
وفي هذا الوقت. سيحتفي أحباب بنكيران به. وتجمع هنا. وشعار هناك. وخلاف بين الأعضاء. لكنها مسألة وقت.
وما لم يقله أحد أن حزبه طرده.
طرده دون إعلان طرد.
ودون بيان.
طرده كما كان مخططا لذلك.
ومهما حاول. فلن يعود إلى المؤسسات. ولن يعود إلى موقعه.
ومهما حاول فلن يستوعب أن حزبه مكون من بشر يشبهون بقية البشر. وتغريهم السلطة. وتحكمهم غريزة البقاء فيها.
ومع الوقت سيتحول بنكيران إلى ذكرى
وإلى موضوع تاريخي
وإلى شهادة
وإلى شاهد
وإلى حوار يحكي فيه ما وقع.
سيصير فردا
سيصير بطلا
خارج ما يحدث
وخارج السلطة
وخارج المؤسسات
التي منحته اللقب وأخذت منه الحزب
ليصبح حزبا كباقي الأحزاب المغربية
في زمن قياسي
وفي وقت لم يكن يتخيله أشد أعداء العدالة والتنمية.