حميد زيد – كود//
أوفْ. أوفْ.
لقد عاد بلاغ بنك المغرب.
عاد أخيرا بعد أن كان قد اختفى فجأة.
وبما أن الجميع كان يسأل عنه. وعن أسباب اختفائه. وعن خطورة ذلك. وعن الجهة التي سحبته.
وعن الصراع الدائر بين مصالح متضاربة داخل الدولة.
وبما أن أصحاب نظرية المؤامرة قد خرجوا من جديد.
يبحثون عنه.
ويحذرون من خطورة غيابه.
ويطالبون باسترجاعه. وإطلاق سراحه.
فقد انشغلت بدوري به. رغم فهمي المحدود جدا. لكل ما جاء فيه.
والآن. وبعد أن عاد.
فلا يسعني إلا أن أهنىء كل من كان يفتش عنه في كل مكان.
ومن اتخذه قضية له.
ومن خلق نظريات حول اختفائه.
أما الذين كانوا يتمنون أن لا يظهر البلاغ كي يحللوا غيابه.
و يبنوا على أساسه خطابا معارضا.
ونقدا للدولة.
فأقول لهم إنه ليس آخر البلاغات. وسوف تظهر أخرى بعده. وتختفي. وتظهر من جديد.
وما عليهم إلا أن يطمئنوا.
وألا ييأسوا من سنة الغياب والظهور.
لأنها طبيعة الحياة. فلا شيء يدوم. وهناك من يختفي بمجرد ظهوره. وهناك من يظل حاضرا. وحين يختفي. لا ينتبه إليه أحد.
لكن ما الدرس الذي يمكن أن نستخلصه من بلاغ بنك المغرب.
وقد يقول قائل إنه علينا أن نتركه وشأنه. وننتقل إلى موضوع آخر.
بينما لا.
فالذي يختفي بهذه الطريقة لا يمكن صراحة أن نثق فيه. ونطمئن إليه.
إذ يمكنه في أي لحظة أن يفعلها ثانية.
ويختفي.
ويتركنا في حيص بيص. نبحث عنه. ونسأل. ولا من يشرح لنا. ولا من يدلنا عليه.
لذلك علينا جميعا أن نعض عليه بالنواجذ.
وألا نتركه يفلت منا مرة ثانية.
و أي واحد منا عليه أن ينسخه ويحتفظ بنسخ كثيرة منه. في المخدات. وفي الدولاب. ومع وثائقه المهمة. ومع دبلوماته. وفي ألبوم الصور العائلي.
فمن يدري.
ومن يضمن أنهم لن يسحبوه من جديد.
فالدولة تعاني هذه الأيام من إنجازاتها الكثيرة. ومن تألقها في كل المجالات. ومن نجاحاتها السياسية. والدبلوماسية. والرياضية.
بينما تفتقد إلى من يعارضها.
وإلى من يحتج عليها. وإلى من يراقبها.
ولذلك فهي تتصارع في ما بينها. وتسحب البلاغات. وتعيدها.
وتعارض المندوبية السامية للتخطيط بنك المغرب.
وتعارض الحكومة المندوبية.
والمندوبية الحكومة.
وكل يتحدث عن أرقامه. وعن نسبة تضخم خاصة به. وعن مغرب خاص به.
وهذا كله بسبب نقص حاد في المعارضة.
وبسبب الضجر الذي صارت تعاني منه الدولة ومؤسساتها.
لأنه لا تكفي النجاحات المتتالية
وأي دولة مهما كانت متألقة فهي بحاجة ماسة لسلطة مضادة.
ولخطاب مضاد.
و ربما لهذه السبب
اختفى بلاغ بنك المغرب ثم ظهر من جديد.
وذلك كي لا نتوقف عن النقاش. وكي نجد موضوعا ننشغل به.
وكي ننتبه إلى ما جاء فيه.
وكي نفهم أن رفع الدعم عن البوطا قادم لا ريب فيه
وإن لم يكن اليوم فغدا.
رغم أن ما يعاب على بلاغ بنك المغرب هو إغفاله لأهم شيء يشغل المغربي في الوقت الحالي.
وهو الورقة.
وكيف يمكن الحصول عليها. من أجل صنع بريوات. ونيمات. محشوة. مرة بالكفتة. ومرة باللاشيء.
فالكل يبحث عنها.
والكل يقف في طابور طويل منتظرا دوره من أجل الحصول عليها.
ورغم كل تحذيرات بنك المغرب.
ورغم كل الحلول وطرق العلاج القاسية التي اقترحها لإنقاذ الوضع الاقتصادي.
وللحد من التضخم.
فإنه لم يفكر في الآن و هنا
وفي معاناة المغاربة.
وفي السؤال الذي يقض مضجعهم حاليا
وهو كيف يمكن صنع حريرة في ظل غياب الطماطم
وكيف يمكن تعويض البصل.
حيث لا أحد اقترح بدائل لذلك. ولا عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب.ولا أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط. ولا عزيز أخنوش رئيس الحكومة.
ولا كل هؤلاء الذين أبدوا خوفا وهلعا بسبب اختفاء البلاغ
وذهبوا بعيدا في تأويلاتهم
وحين عاد البلاغ
أهملوه
وتركوه وحيدا في موقع بنك المغرب الرسمي
دون أي اهتمام من طرفهم.
ودون أي احتفال بعودته. بعد السحب غير المبرر الذي تعرض له.