عمر المزين – كود///

سجلت نسبة ملء السدود في المغرب، أمس الأحد 30 مارس الجاري، تحسنا ملحوظا مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، حيث ارتفعت من 27.69 في المائة إلى 38.21 في المائة.

وقد بلغ حجم المياه المخزنة في السدود هذه السنة حوالي 6.4 ملايير متر مكتب، مقابل 4.46 ملايير مكعب في نفس التاريخ من السنة الماضية، ما يمثل ارتفاعا يزيد عن 1.9 مليار متر مكعب.

ودعت أميمة خليل الفن، الباحثة المتخصصة في الهندسة البيئية والتنمية المستدامة، إلى النظر إلى هذا الرقم ليس فقط كمعطى كمي ظرفي، بل كمؤشر ضمن منظومة مائية تمر بمرحلة دقيقة، تتقاطع فيها الأزمات المناخية مع الإكراهات البنيوية للتدبير.

وترى الفن، في تصريحات لـ”كود”، أن “هذا التحسن المسجل، والذي يعزى إلى التساقطات الأخيرة، لا يجب أن يغطي على واقع هيكلي يتسم بتراجع القدرة على تجميع المياه السطحية، تزايد الفجوة بين العرض والطلب، خاصة في ظل التوسع العمراني، الضغوط الفلاحية، وارتفاع درجات الحرارة، التي تؤدي إلى تبخر سريع للمياه وخسائر مائية أكبر على مستوى السدود والفرشات الباطنية”.

وأضافت: “في الواقع، حين نحلل توزيع نسب الملء بين مختلف الأحواض، يتضح أن الخلل الجغرافي يمثل تحديا حقيقيا؛ حوض أم الربيع الذي يعد من بين أهم الأحواض المائية في المملكة لا يتجاوز فيه منسوب الملء 10%، وهو أمر ينذر بالخطر، خصوصا وأن هذا الحوض يزود مناطق واسعة من البلاد بالماء الصالح للشرب ويغذي مساحات فلاحية حيوية”.

رئيسة حركة الشباب من أجل المناخ-المغرب أوضحت قائلة: “من منظور بيئي ومناخي، نحن لا نتحدث فقط عن أزمة مائية بل عن أزمة عدالة مائية، حيث تتعمق الفوارق بين المناطق، وتصبح الفئات الهشة (القروية تحديدا) الأكثر تضررا، في وقت يفترض فيه أن تكون سياسات التكيف منصفة وشاملة”.

وزادت المتحدثة لـ”كود” أن “التغير المناخي زاد من وتيرة الظواهر القصوى، سواء من حيث الجفاف أو الفيضانات، ما يفرض تحولا جذريا في طريقة تدبيرنا للماء، من منطق الوفرة إلى منطق الندرة”.

ومن منظور السياسات العمومية، تُضيف الفن لـ”كود”، فإن المغرب يعيش مرحلة انتقالية من حيث الأمن المائي، حيث لم تعد التساقطات الموسمية كافية لضمان مخزون استراتيجي مستدام.

كما ذكرت: “وبالتالي، أصبح الاعتماد على السدود لوحده غير كاف، ويستوجب تنويع مصادر المياه من خلال تحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، وتشجيع تقنيات الاقتصاد في الماء، خصوصاً في القطاع الفلاحي الذي يستهلك أزيد من 80% من الموارد المائية. وضرورة تحديث منظومة الحكامة المائية، عبر تعزيز أدوات التوقع والرصد، وتحسين آليات التخطيط المندمج على مستوى الأحواض، مع تفعيل مبدأ التشاركية في اتخاذ القرار بين الدولة، الجماعات، الفاعلين الاقتصاديين، والمجتمع المدني”.

و”من منظور مجتمعي وشبابي، الشق الثقافي والتربوي في إدارة الموارد المائية لا يزال ضعيفا. من الضروري إدماج التربية المائية في المناهج التعليمية، وتوسيع حملات التوعية في الأوساط الحضرية والقروية، مع تمكين الشباب من لعب دور قيادي في رسم سياسات الماء، سواء عبر الترافع، أو الابتكار، أو المبادرة المحلية.
قد يكون ارتفاع نسبة ملء السدود خبرا جيدا نسبيا، لكنه لا يجب أن يخفي حجم التحدي البنيوي الذي نواجهه”. تقول الباحثة المتخصصة في الهندسة البيئية والتنمية المستدامة.

وختمت الفن تصريحاتها بالقول: “نحن في لحظة مفصلية تتطلب إعادة تعريف علاقتنا بالماء، ليس كمورد طبيعي فقط، بل كأحد أعمدة السيادة البيئية والأمن المجتمعي. ومواجهة هذا التحدي تتطلب تعبئة شاملة، تشاركية، وعادلة، تدمج البعد المناخي في صلب القرار السياسي، الاقتصادي، والمجتمعي”.