عمر المزين – كود//
في سابقة في تاريخ النظام التعليمي بالمغرب، أدى التلاعب في صفقة ضخمة إلى حرمان الآلاف من تلاميذ المدارس الرائدة بـ”قطب أكاديميات الشمال” المكون من 5 جهات هي: (الشرق)، و(طنجة تطوان الحسيمة)، و(فاس مكناس)، و(الرباط سلا القنيطرة)، و(درعة تافيلالت) من الدروس منذ يوم الاثنين 11 نونبر 2024، بسبب عدم طبع الكتب المدرسية المقررة في إطار منهاج “التعليم الصريح” الذي يشكل أساس تجديد البرامج بالمدارس الرائدة.
وفي مقابل ذلك، توصل تلاميذ المدارس الرائدة في باقي الأكاديميات الجهوية بقطب الوسط:(الدارالبيضاء سطات) و(مراكش آسفي) و(بني ملال خنيفرة) وبقطب الجنوب: (سوس ماسة) و(كلميم وادنون) و(العيون بوجدور الساقية الحمراء) و(الداخلة وادي الذهب) بمطابع المقررات في الوقت المحدد للتوزيع، وبدأ الاشتغال بها في ظروف تربوية جيدة ارتاح لها التلاميذ والأساتذة كما الأسر أيضا.
وحملت مصادر موثوقة من هيئة التفتيش المركزي المكلفة بوضع وتصميم “منهاج التعليم الصريح” المخصص للمدارس الرائدة المسؤولية لمدير أكاديمية طنجة تطوان الحسيمة، لأنه هو من أعطى تعليماته لطاقم الأكاديمية المكلف بإعداد الصفقة التجميعية نيابة عن الأكاديميات الخمس المذكورة بقطب الشمال لكي يضيف “توصيفا تقنيا غريبا” في دفتر المواصفات التقنية الخاصة بالطبع، مفاده أن كراسات التلاميذ ينبغي أن تكون “ملصقة ومخيطة “finition : carré cousu collé، وهو توصيف لم يرد في دفتر المواصفات الذي اشتغلت به كل من أكاديمية مراكش آسفي، التي تكلفت بالصفقة التجميعية لقطب أكاديميات الوسط، وأيضا أكاديمية الداخلة وادي الذهب التي تكلفت بالصفقة التجميعية لقطب أكاديميات الجنوب.
واضطر الوزير بنموسى وهو يجمع حقائبه في الساعات الأخيرة بمقر الوزارة إلى التدخل لدى مصالح وزارة الاقتصاد والمالية قصد استصدار “ملحق تعديلي”Avenant لتغيير هذا التوصيف التقني الغريب بتوصيف “الطبع العادي” الذي اشتغلت به باقي الأكاديميات، لكن مساعيه باءت بالفشل، لأن دفاتر التحملات ودفاتر المواصفات التقنية هي بمثابة عقود ملزمة للأطراف المتعاقدة، وأن أي تغيير يلحقها بعد إبرام الصفقة هو خرق خطير لمبدأ المنافسة في الولوج إلى الطلبيات العمومية يجرمه القانون.
وأضافت مصادر “كود” أن الوزير الجديد محمد سعد برادة كانت له الجرأة في إصدار تعليماته الصارمة في اجتماع عاصف عقده مع مديري الأكاديميات مباشرة بعد الانتهاء من أشغال مناقشة الميزانية القطاعية بمقر مجلس النواب يوم الجمعة الماضي، من أجل التسريع بإنقاذ الموقف أولا تفاديا لكارثة توقف الدراسة، ثم بعد ذلك فتح تحقيق في وقت لاحق مع مدير أكاديمية طنجة تطوان الحسيمة وطاقمه لأنهم المسؤولين المباشرين على هذا “الاجتهاد الشاذ والغريب” الذي لم تتضح بعد أهدافه الخفية.
وحسب هيئة المفتشين المركزيين فإنه يرجح أن تكون أهدافه تتوخى توجيه هذه الصفقة الضخمة (أكثر من 6 ملايير سنتيم) والتحكم في مسارها، متسائلة بالقول: “وإلا فما السر في إضافة كلمة “cousu” في آخر لحظة في دفتر المواصفات التقنية في هذه الأكاديمية لوحدها دون غيرها، هذه الكلمة التي حالت دون تمكين نصف عدد تلاميذ المدارس الرائدة بالمغرب من تلقي دروسهم، وتركتهم بالتالي عرضة للمجهول؟”.
وأضافت المصادر: “إذا كان مدير أكاديمية طنجة تطوان الحسيمة يدعي في بعض تصريحاته أنه يتوخى من خلال إضافة كلمة :cousu في دفتر المواصفات التقنية للصفقة نهج “الصرامة” المعهودة فيه لقطع طريق التلاعب في المال العام، فهذا يعني أن صفقة أكاديمية مراكش آسفي وصفقة أكاديمية الداخلة وادي الذهب فاسدتان، حيث لم تتضمن دفاتر المواصفات التقنية المتعلقة بهما هذه الكلمة. وفي هذه الحالة وجب إلغاؤها وتحريك المتابعة القضائية في حق المديرين المعنيين وأطقمهما لأنهم تلاعبوا بالمال العام”.