عمار خولاني كود ///
بدأت العداوة بين الخميني والحسن الثاني بمجرد نجاح الثورة الإيرانية في مطلع 1979، واستقبال الملك لمحمد رضا بهلوي شاه إيران المطاح به رفقة عائلته.
لم يتردد الحسن الثاني حينها، في خطب ملكية وأحاديث صحافية، باتهام الخميني بالكفر والزندقة ووصفه بالسخيف.
تكشف وثائق استخباراتية بريطانية تعتبر “غاية في السرية” أن الكونت ألكسندر دومارانش، رئيس المخابرات الفرنسية وقتها، أبلغ الحسن الثاني أن إيرانيين يفكرون في اختطاف أفراد من العائلة الملكية لمقايضتهم ببهلوي، غير أن الملك رفض بشكل قاطع هذا الابتزاز، قبل أن يقرر شاه إيران مغادرة المغرب إلى بريطانيا.
مع ذلك، استمرت العداوة بين مرشد الجمهورية الإيرانية وأمير المؤمنين رغم التقدير الذي كان يحظى به الحسن الثاني لدى شيعة إيران لانتسابه لآل البيت.
ففي تعليقه على ما يسمى بـ”الإسلام الثوري: الذي أصبح يجسده الملالي في إيران، حسب زعمهم، قال الحسن الثاني في حوار أجرته معه جريدة “لوفيغارو” الفرنسية: “لا أدري أين هو الإسلام الثوري، فهو ليس لدى الشيعة على أي حال، فالشيعيون بالعكس من ذلك رجعيون، لأن الدين عندهم الذي يزعمون أنه يحكم الدولة لا يقبل الندم ولا النقاش”.
كما عبر بسخرية عما عُرِف بـ”القضية الإيرانية” وعن تصرفات وتناقضات الخميني وعن الشياطين الذين يحفونه ويدفعونه من الخلف.
“إن من أثاروا القضية الإيرانية هم في نظري أعظم المشعوذين البهلوانيين الذين عرفهم العالم، لأننا جميعا نعلم أن الخميني رجل مسن، وعندما يتحدث لا ندري هل هو الذي يتحدث أم لا، وعندما كان يستقبل زواره في العراق وفي فرنسا كان يستقبلهم من وراء ستار. وهكذا بدؤوا يروجون للخميني ولا يتحدثون إلا عنه، ولا يرون إلا هذا الرجل ذا اللحية البيضاء، دون الاهتمام بالشياطين الذين يحفونه ويدفعونه من الخلف. ومما يؤكد أن الخميني ليس بالرجل الذي يقرر من تلقاء نفسه، أنه ما فتئ يتناقض مع نفسه، فقد كان يريد إقامة جمهورية إسلامية، لتسير الأمور على ما يرام، وليسود النظام، فتم له ذلك، وقام بحملة دعائية لصالح بني صدر، وصعد بني صدر مرفوع الرأس، والآن عدل عن رأيه في بني صدر وفي نظامه. ليس هذا هو الخميني، فهو لا يمكنه أن يكون مخربا لهذه الدرجة؛ إن هناك زمرة تحركه وتقوم الآن بإعطاء الدليل على حقارة النظام الجديد والتناقضات القائمة داخله، وهذا ما دفعني إلى القول إن أكبر المشعوذين البهلوانيين في العالم يقفون وراءه ويحركونه”، يقول الحسن الثاني في حوار مع القناة الفرنسية الثانية في أبريل 1980.
لم يقف الملك عند هذا الحد، إذ صرح أنه مستعد أن يعلن إلحاده إذا كان الخميني يجسد الإسلام الحقيقي.
وحين سأله صحافي فرنسي مذكرا إياه بهذا التصريح وما إن كان ما يزال متشبثا به، كان هذا جوابه: “هذا صحيح، وما زلت متمسكا بما قلته، فإيران حاليا تقول بوجوب خضوع الدولة لا إلى القوانين الوطنية، وإنما إلى قوانين الشيعة الجعفرية التي تفترض وجود إمام يعلو على كل سلطة دينية، ومن هذا المنطلق خرقت بالطبع عدة قواعد من قواعد الإسلام السني، ومنها على سبيل المثال قاعدة الشورى… ولا ينبغي أن ننسى أن للإسلام قوانينه لتسيير الشؤون العامة. يمكن أن تسجلوا أن آية الله لم يبتدع شيئا، فالشيعة الجعفرية موجودة منذ قرون، وأنا أقول إن الخميني لم يقم سوى باسترجاع شفرة حادة لكنها صدئة يأتي معها بالتأكيد شكل من أشكال التعفن والتسمم”.