حميد زيد – كود//
من كان يظن أنه سيأتي يوم تصبح فيه الكوفية الفلسطينية مفزعة لبعض المغاربة.
من كان يظن أن هذه الكوفية التي ترمز في كل العالم للحرية.
ويتلفع بها الحالمون.
و يحملها الهامشيون. والشباب. والفنانون. والمناضلون. والمتضامنون مع الشعب الفلسطيني. ومع قضيته العادلة.
من كان يظن أنه سيأتي وقت سنختلف حولها.
وسيظهر بيننا من يخاف منها.
ومن يتجنبها.
ومن يمنعها.
ومن يقول ليست لي.
ومن يخلي مسؤوليته. ومن يتبرأ منها. ومن يدفعها عنه.
ومن يحذر منها.
ومن يحاربها.
ومن يسيء إليها.
ومن يقرنها بالإرهاب.
ومن يهرب منها.
ومن يخشى أن تلتف عليه بما تحمله من معنى. ومن انحياز.
من كان يظن أنه سيظهر بيننا رأي رافض لها.
لأنها ترمز لشعب يباد.
ولأن هذا الشعب عربي. ويوجد في المشرق.
ولأن هذا الشعب أغلبيته مسلمة.
من كان يظن أنه سيأتي يوم نصبح فيه إسرائيليين أكثر من إسرائيل.
من كان يظن أن هذه الكوفية ستفضحنا إلى هذا الحد.
من كان يظن أن يظهر بيننا من هم صراحة في صف القاتل.
ومع الصمت.
ومع غض الطرف.
ومع أن نتخلص من هذا الشعب الفلسطيني المزعج.
والذي لا يريد أن يموت.
ولا يريد أن يُنسى. ولا أن يستسلم.
و يرفض أن يباد.
من كان أن يظهر بيننا من تزعجه الكوفية لأنها تذكر الناس بالجرائم التي ترتكب كل يوم في حق هذا الشعب.
من كان يظن أن يظهر بيننا من يدين المقاومة. ويتهمها بالتطرف. وبالإرهاب. لأنها في نظره تغامر بحياة الفلسطينيين. وتدفعهم إلى الموت المجاني.
وقد يكون على حق.
لكن الكوفية تفضحه.
وموقفه منها يفضحه.
وتخبرنا الكوفية أن ما يرغب فيه هو أن يظل الفلسطينيون يموتون في صمت. دون أن يهتم بأمرهم أحد.
ودون أن يقول أحد لإسرائيل لا.
ولا فرق لديه بين مقاومة إسلامية ومقاومة يسارية ومقاومة وطنية فلسطينية.
وما يرغب فيه هو أن لا لا يقاوم أحد الاحتلال.
وأن لا تكون مقاومة بالمطلق.
فمن كان يظن أن يكون بيننا مغاربة يتبنون موقف اليمين المتطرف الإسرائيلي.
من كان يظن أنه سيأتي يوم يظهر فيه مغاربة يزايدون على اليسار الإسرائيلي. و يتفوقون عليه. ويتهمونه في وطنيته.
لأن جزءا كبيرا من الإسراييلين مع حق وجود شعب فلسطيني.
ومع حقه في الحياة.
ومع حقه في أن تكون له دولة.
ولا يخشون من الكوفية. ولا يتحاملون عليها. ولا تبلغ بهم الوقاحة حد مقارنتها بعلم داعش.
لكن الكوفية في كل مكان.
وتحرجهم.
وفي يد النجمات. ومع حقائبهن الغالية. ومع مناديلهن.
وفي أرقى الجامعات في العالم.
و مع نخبة المستقبل في الغرب.
ومع ضمائرهم الحية.
ومع الضعفاء. ومع المغلوبين في كل مكان.
ومع كل الضحايا.
وفي الشوارع. وفي مدرجات الملاعب. وفي الرقص. وفي الفرح. وفي الحياة . التي ندافع عنها في كود.
وما علينا إلا أن نكون منسجمين مع أنفسنا.
وفي محلات بيع القمصان المزورة في الرباط توجد الكوفية معلقة. وفي الدار البيضاء. وفي مراكش. وفي كل القرى. وفي كل المدن.
ويشتريها الأولاد.
ويشترون قميص ميسي. ومبابي.
وفي نفس الوقت يشترون الكوفية الفلسطينية.
نجمة النجمات
التي لم تعد ترمز فقط لحرية فلسطين
بل للحرية في كل مكان.
ولم تعد للشرق ولا للغرب
بل هي لكل البشرية
وللإنسان.
و لم تعد الكوفية ترمز لأي دين
بل هي لكل الأديان. ولكل الشعوب. ولكل الأقليات. وللعرب. وللعجم. ولكل الخلق.
ولذلك فهي محرجة لمن يساند القتلة.
ومن يدافع عن الظلم
وعن الاحتلال.
ومجرد رؤية الكوفية تزين لباس طالبة
تجعلهم يهربون منها. كما لو أنها قطعة قماش مفخخة.