حميد زيد – كود//

هذا الاستعمال غير الموفق لي كوطن.

هذا التوظيف السيء لي.

مرهق صراحة. و مبالغ فيه. وقديم. ولم يعد يناسبني.

ولا يليق بهذا العصر.

وبالتطور.

كما أنه لا يأتي إلا من الذين يكتبون بالعربية الفصحى.

فأنا كوطن أتابع كل ما يكتب تقريبا بالفرنسية في المغرب حولي.

و لا أقرا جملا وعبارات مسكوكة من قبيل”لك الله يا وطني”. و “ماذا سيربح الوطن من محاربته لفلان”.

ولا أقرأ “الوطن أولا”.

ولا “الوطن قبل كل شيء”.

ولا علان خان وطنه.

كل شيء.

وكل هذا التوظيف السيء لي يأتي من العربية الفصحى.

ومن نموها في بيئة غير صحية واستبدادية.

كل الاعتداء علي كوطن يأتي من الناطقين بلغة الضاد.

حتى أني ضجرت منهم.

ومن هذه البداوة الطاغية عليهم في النطق بي. وفي استعمالي.

وفي ادعاء الغيرة علي.

ولم أعد قادرا صراحة على تحمل الاستغلال الذي أتعرض له من طرفهم.

وكل من أخطأ.

وكل من خالف القانون.

وكل من ضبط متلبسا.

يلجأ إلي أنا كوطن. محاولا الزج بي في أمور خاصة لا تعنيني. لا من قريب. ولا من بعيد.

ومن خلال تجربتي وخبرتي الطويلة.

ومن خلال تاريخ الأوطان.

ومن خلال وجودي في كل الدول.

فإني أؤكد لكم أن الإفراط في استعمالي من السلطة يعني بالضرورة وجود استبداد.

أما حين أجري على لسان المعارضة.

والصحافة.

فهذا يعني بالضرورة ارتفاع منسوب الديماغوجية والشعبوية.

ولذلك أنا كثير الذكر في الأنظمة الشمولية.

وفي الدكتاتوريات.

وفي المجتمعات المتخلفة.

وفي كل الدول التي تغيب فيها الديمقراطية. والحريات.

بينما قلما تسمع أحدا يذكر الوطن في الديمقراطيات العريقة.

ومن كثرة حضوري في وعيهم.

ومن شدة احترامهم لي.

فإنهم كفوا عن استعمالي وتوظيفي والنطق بي.

وأبدو غائبا بالنسبة إليهم.

وغير موجود.

لكني حاضر بقوة في كل ممارساتهم. وفي شوارعهم. وفي إداراتهم. وفي سلوكهم اليومي. دون حاجة إلى النطق باسمي.

على عكس ما أتعرض له في المغرب.

فأنا هنا على كل لسان.

والكل يستعملني.

والكل يبدي غيرته علي.

والكل يكتب: لك الله يا طني.

والكل ينقط الوطنية.

إلا أني أعاني كوطن بينكم أكثر مما تعاني الأوطان في أماكن أخرى.

وكلما اشتد الضغط علي

وكلما تم توظيف كلمة وطن في غير محلها

أفكر جديا في أن أتوجه إليكم أيها المغاربة

وفي أن أخاطبكم.

وفي أن أطلب منكم الكف عن تظاهركم بالحرص علي.

وبالسؤال

عن ماذا سيخسر الوطن.

وماذا سيربح.

ومن هذا المنبر أخبركم أني سأربح المليون لو توقفتم عن كتابة هذه الجمل.

واستعمال هذا المعجم الذي لم يعد صالحا.

ولم يعد يناسب المرحلة.

وفي كل مرة

ومن خيبتي

ومن يأسي

أفكر جديا في أن أنسحب تاركا إياكم أيها المغاربة بلا وطن.

بعد أن طفح الكيل

لكني أتراجع في آخر لحظة

وأصبر

وأتحمل

متشبثا بالأمل في قدوم يوم

تتحملون فيه عواقب أخطائكم وتخلفكم

شعبا

وسلطة

ومعارضة

ونخبة

دون أي ركوب علي

أو توظيف سيء لي.