في المرة الأولى كان قد عاد ليرأس المجلس الجماعي ونال حظه من سوء التدبير دون أن يحاسبه أحد رغم اعترافه بذلك على رؤوس الأشهاد. حُكم بنكرير لم يرق إلى الهمة العالية والفذة لصاحبنا فعاد إلى الرباط واستظل بالعرش من حرِّ زمن الصدر الأعظم البصري. ألم يشارك ولي العهد طاولة الدرس، فلِم لا يشاركه شيئا من كرسي الحكم؟! أصبح بعد مدة قليلة صاحب حقيقة السلطة في أم الوزارات، في زمن تعاقب عليه وزراء الداخلية ليشكلوا له تباعا "بارشوكات" في الوقت الذي انهمك هو في ترتيب الانتخابات وتقسيم الأدوار بين الأحزاب، قبل أن "يخرج ليها نيشان" و"يستقيل" ويعود عودة ثانية، غير محمودة، إلى بنكرير مرفوقا بخاله وبقية من صلب القايد العيادي… والقصة معروفة من بدايتها إلى الآن، حتى لا نقول نهايتها. لنعد إلى شعر المختار السوسي، فقد قال بعد البيت المذكور: لو ملكت كل الثرى لاعتلت/إلى امتلاك سدرة المنتهى.

لقد ملك صاحبنا ثرى بنكرير وحرث كل أرض المغرب من ريفه إلى كديم إزيكه، ومن وجدة إلى كازا، واسألوا بنكيران إن كنتم لا تعلمون. أما سدرة المنتهى فلا توجد إلا في السماء التي لا يملكها إلا ملك الملوك!

هذا هو صاحب الهمة العالية، قلب الداخلية وفؤادها، صاحب الملفات ورئيس طباخي السياسة الحزبية والانتخابية والثعلب الظاهر الخفي، صديق صاحب الزمان الذي كان يتمنى الناس أفول نجمه بعد "استقالته" فإذا به يخرج من تحت عجاج بنكرير… هو الوجه الظاهر والخفي للمخزن "الجديد" وإن كانت أدواته قديمة لم يزد فيها على ما "أبدعه" أسلافه أوفقير واكديرة والبصري. لذا فرحيله ليس فقط تلبية لمطلب شعبي شبابي تم التعبير عنه ذات 20 من فبراير… ولكنه حاجة ملحة ليستقيم الحديث عن مشروع ملكي "ديمقراطي حداثي" تم التبشير به قبل أكثر من عقد من الزمان، قبل أن يحل الـ9 من مارس… إنه وجه واحد من عملة رديئة يجب أن يتخلص منها النظام… و"العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من الأسواق"، كما يقول علماء الاقتصاد. وأنا على يقين أنكم تعرفون جيدا الوجه الآخر لهذه العملة الرديئة. فهذا الرجل الذي يُعرف بميماته الثلاثة وإن شئتم "إِم طرْوا"، أصبح عبئا على البلاد، على الملك والعباد، لا يهم إذا كان قد ضاعف محمد منير الماجدي ثروة العاهل ست مرات ليجعل من شركته القابضة "بطلا وطنيا" (لا يهم) بالقدر الذي يهمنا جميعا كم ضاعف ثروته الشخصية إن كان أصلا ذا ثروة قبل أن يجد له طريقا إلى جانب ولي العهد في غفلة من الزمن ثم إلى جانب الملك مع بداية عهده وبداية قرن كُنا نعدّه قرن الديمقراطية والحرية بعد عقود عجاف… فاستحال إلى انتقال مرتبك بدأ ولم ينته… ونتمنى أن تُنهيه رياح التغيير هذه التي قد تقتلع الهمة والماجدي من جذورهما، ولم لا محاسبتهما على كل صغيرة وكبيرة، حتى يكون جوار الملك تكليف قبل التشريف، ومسؤولية لا تتساوق مع اللاعقاب.