حميد زيد كود ////

يا ما صدعتمونا بالتجربة التركية.

يا ما تحدثتم عن الدرس التركي، وعن المعجزة التركية، وعن الديمقراطية التركية، وعن النموذج التركي، وعن الدولة التركية.

وفي النهاية ليست تركيا إلا دولة من العالم الثالث.

جمهورية موز في وقت انقرضت فيه تقريبا جمهوريات الموز من هذا العالم.

القضية هنا ليس هل أنت مع إردوغان ومع الديمقراطية أم أنت مع العسكر والانقلاب، بل قضية القضايا هي أن تركيا ليست نموذجا حتى لنفسها.

وحين يتحدث الإسلاميون المغاربة عن الدولة العميقة، والموازية، وينقلون ذلك حرفيا عن تركيا، فلأن تلك الدولة العميقة موجودة فعلا في ذلك البلد البعيد.

وهذا ما يميزهم عن باقي دول العالم.

هذا هو اختراعهم الوحيد.

هذه هي خصوصيتهم.

هذا هو الإنجاز الذي قدموه لنا، وأخذناه منهم بغباء منقطع النظير.

ولهم “شرف” نحت هذه الكلمات، لأنها تعنيهم، ومنسجمة مع تاريخهم وواقعهم السياسي.

وأسوأ ما في تركيا نردده اليوم كببغاوات في المغرب، ولا ينقصنا الآن إلا الانقلاب.

ولا ينقصنا إلا الجيش التركي، حتى نتماهى مع النموذج.

وكما كنا نحمل المظلات في الماضي عندما تمطر في موسكو، ها نحن اليوم نحملها عندما تمطر في أنقرة.

ودائما نحن ضحية الإيديولوجيات.

وإلى غاية اليوم ما زالت روسيا دولة غير ديمقراطية، ومازالت تركيا معرضة للانقلاب في عز الليل.

وما كان جزء كبير منا يعتقده معجزة ونموذجا، ويقلده تقليدا أعمى، ليس إلا دولة مهددة، وغير مستقرة، ومنقسمة، وستمضي سنوات كثيرة في الانتقام وفي حذر نصف تركيا من نصفها الآخر.

وشامتها هي الدولة العميقة.

والغمازة التي في خد تركيا الجميل هي الدولة الموازية.

ورغم كل ما حدث، فلن يتزعزع إيماننا بالمعجزة التركية، وستظل دولتنا المتخيلة.

بينما تركيا ليست تلك التي نظن.

وفي كل لحظة هي مهددة من العلمانية غير الديمقراطية، ومن الإسلام السياسي، ومن الجيش.

طبعا إنها دولة تصلح للسياحة، وفيها مبان جميلة، وآثار، وجوامع، وهندسة معمارية لا مثيل لها، وقماش، وتبضع، ويمكنكم أن تقضوا فيها عطلة لاتنسى.

وفيها إسلام وفيها خمر وبارات وشقراوات.

كما أننا نشتري منها الأفران المنزلية، وأواني البلاستيك، والأثواب، والسجاد.

لكنها ليست دولة نموذجا

وعيوبها كدولة أسوأ من عيوبنا

وكل ما أخذناها منها هي”دولتها العميقة”
وإردوغان

بينما هذا الأخير ليس دولة

وعلمانيتها ليست هي العلمانية

وديمقراطيتها ليست هي الديمقراطية

وكل شيء فيها مشوه

رغم القوة الاقتصادية

وعجبي من شعوب لا يعجبها النموذج الاسكندفاني

ولا تغريها الديمقراطيات الغربية

وبعد روسيا

ها هي تعبد تركيا
وفي الحالتين
هناك دائما دبابات

وقصف للبرلمان
وعبادة للزعيم

ودائما اختيار وتقليد للنموذج الأسوأ

بينما الديمقراطية
والحرية
والدولة القوية

على مرمى حجر منا
وننظر دائما إلى البعيد
ولا نرى جيدا

فنجني الفشل
ونجني نظريات المؤامرة
ونبتعد عن الحل
وعن المثال

وننقسم
إلى من مع إردوغان
ومن مع العسكر
ولا أحد فينا يسأل نفسه أي دولة قوية ومتقدمة هذه

وأي تجربة
مازال يقع فيها الانقلاب
ولا يكمن المشكل
هنا
في كونه قد فشل

أو نجح
بل لأنه
وقع
في دولة المغاربة والعرب المتخيلة.