كود الرباط//

قررت زينة شاهين رئيسة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، تأجيل الاجتماع الذي كان مخصصًا لمناقشة وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى موعد لاحق في مارس، وذلك بعد تصاعد الخلاف بين المعارضة والأغلبية حول تسيير أشغال اللجنة.

القرار جاء عقب تهديد المعارضة بالانسحاب من الاجتماع احتجاجًا على ما وصفته بـ”الانحياز الصارخ للأغلبية وخرق النظام الداخلي للمجلس”.

رئيس فريق التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، عبّر عن استيائه من طريقة تدبير الاجتماع، مؤكدا أن المعارضة لن تقبل بأن تتحول اللجنة إلى أداة تخدم مصالح الأغلبية فقط، قائلاً: “من غير المقبول أن يتم تجاهل أكثر من 120 طلبًا قدمتها المعارضة منذ سنوات، في حين يتم التجاوب بسرعة مع طلبات الأغلبية”. وأضاف أن هذا الوضع يسيء إلى صورة البرلمان ويعطل دوره الرقابي والتشريعي.

من جهته، شدد رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، على أن ما وقع يعكس تهميشًا واضحًا للمعارضة، وهو أمر غير مقبول في مؤسسة تشريعية يفترض أن تحترم مبدأ التوازن بين مختلف مكوناتها. وقال: “نحن أمام وضع خطير يمس جوهر العمل البرلماني، وإذا كانت الأغلبية تعتقد أنها تستطيع فرض أجندتها دون إشراك الجميع، فهي مخطئة”. كما أشار إلى أن المعارضة مستعدة للتصعيد في حال استمرار هذا النهج.

أما نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، فاستغرب من عدم تجاوب الحكومة مع عدد كبير من الطلبات المقدمة إلى اللجنة، معتبرًا أن هذا التصرف يضرب مبدأ التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وقال مضيان: “إذا كانت الحكومة ترفض التجاوب مع المؤسسة التشريعية، فكيف يمكنها أن تدّعي احترام الدستور؟ البرلمان ليس غرفة تسجيل، بل مؤسسة تمارس الرقابة والتشريع، ومن حق النواب أن يقوموا بعملهم في ظروف عادلة ومتوازنة”.

في المقابل، دافعت الأغلبية عن موقفها، مؤكدة أن اللجنة تشتغل وفق المساطر القانونية، وأن التأجيل كان ضرورة لتهدئة الأوضاع وفتح المجال للحوار. مصدر من الأغلبية أوضح أن “الاجتماع كان مبرمجًا بناءً على طلب فرق الأغلبية، وليس هناك نية لإقصاء أي طرف، لكن بعض الأطراف تحاول استغلال الوضع لإثارة أزمة سياسية”.

رغم أن الأغلبية تملك التفوق العددي داخل البرلمان، فإن هذه الواقعة أظهرت أن المعارضة لا تزال تمتلك أوراق ضغط قوية يمكنها توظيفها بفعالية،  من خلال تفعيل الدستور كأداة للمواجهة.

واستندت المعارضة في احتجاجها إلى نصوص الدستور التي تفرض مبدأ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتكفل حق النواب في تقديم الطلبات البرلمانية ومساءلة الحكومة. هذا التأطير القانوني جعل موقفها أكثر قوة وشرعية، ما وضع الأغلبية في موقف دفاعي.

وعلى الرغم من تباين التوجهات السياسية بين مكوناتها، فقد أظهرت المعارضة تماسكًا في هذه المعركة، حيث اتفقت على موقف موحد بالانسحاب من الاجتماع، مما زاد من قوتها التفاوضية في مواجهة الأغلبية.

وفي ظل هذا التصعيد، يتوقع أن يشهد شهر مارس جولة جديدة من المواجهة داخل اللجنة، خاصة مع إصرار المعارضة على إعادة النظر في طريقة تسيير الاجتماعات وضمان احترام التوازن السياسي داخل البرلمان.