حميد زيد ـ كود//

كانت التوقعات الجوية تقول إن السماء ستمطر في فاس.

لكن صوتا قال لمنظمي مهرجان فاس لا تغيروا مكان حفل الافتتاح.

تراجعوا.

لا تذهبوا إلى العمالة. ولا تلجؤوا إلى فندق ماريوت.

كان الصوت يقول: كان حفل الافتتاح سيكون في باب المكينة المفتوح على السماء. وسيظل حفل الافتتاح في باب المكينة المفتوح على السماء.

كان يقول: عودوا إلى باب الماكينة.

كان صوت يقول للمطر توقف. فتوقف المطر.

ثم كان صحو.

وكانت السماء زرقاء. وخابت التوقعات الجوية.

وكان حمام يحلق فوق باب الماكينة. وسنونوات. وكان غمام ينسحب. كما لو أنه تلقى أمرا.

وكانت قطرات الماء تتراجع. وتنسحب هي الأخرى. لتسقط في أرض أخرى. بعيدا عن باب الماكينة.

وهذا ليس غريبا على مهرجان يحضر فيه كل الأولياء. وتحضر فيه الفرق. والزوايا.

وتحضر فيه كلمة الله. ويرددها الجمهور. ويسكر باسمها.

وربما كان توقف المطر كرامة من الكرامات. مثل طي الأرض. ومثل المشي على الماء. ومثل الحضور في أزمنة مختلفة.

وحين انطلق حفل الافتتاح ظهرت عجمة على لسان مقدمة  الحفل الفنانة المغربية أمال عيوش. و تحدثت مقدمة أعجمية بلسان عربي مبين. ليصفق لها الجمهور. منبهرا بإلقائها.

كما لو أن هذه الليلة هي ليلة الخوارق.

ليلة تتداخل فيها اللغات. ولا يعود هناك غريب. و يحضر فيها صوفيون من أوربا. ونساء فرنسيات بين الجمهور يغنين الفياشية. ويحفظنها عن ظهر قلب.

وبالفعل. وبعد غناء ساحر لفاتو منت إنغدي من موريتانيا. وعزف متميز لسيني كامارا من السينغال.

ظهرت المغنية المغربية فاطمة الزهراء القرطبي. والفنان عبد القادر غيث.

فكانت الأبواق تصدر حشرجة وأصواتا مزعجة وزاعقة كلما غنيا الموشحات.

كأنها ترفض أن يخرج المهرجان عن عنوانه.

وعن ما وعد به.

وبمجرد أن يعود عبد القادر غيث وفاطمة الزهراء القرطبي إلى الغناء والإنشاد الصوفي. تستسلم لهما الأبواق. و يهدأ روعها.

وترق.

ويشارك الجمهور في ترديد كلمة لا إله إلا الله. عشرات المرات. بل مئات المرات. بالطريقة المغربية. التي تجعل كل شيء جميلا.

وقد كانت الممثلة المغربية صوفيا هادي تمسرح الحفل

وتدين بدين الحب. متحدثة كل اللغات. متوجهة إلى كل الجمهور الحاضر.

أما السحاب

أما الغمام

أما المطر الذي كان متوقعا هطوله

فقد توقف. ليستمع هو الآخر لصوت القلب. و لكلمة الله. في باب الماكينة المفتوح على السماء.

وقد استجاب بدوره للصوت.

ولم يحل بين الجمهور وبين الاستمتاع بحفل الافتتاح الذي حمل اسم دين المحبة.