الوالي الزاز -كود- العيون////

[email protected]

انتشرت بشكل واسع ما يوصف بكونها مسودة لمشروع القرار الأمريكي حول نزاع الصحراء المقدمة للدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي بالإضافة لإسبانيا، وهي المسودة التي كانت واضحة في لغتها وهدفها المرتبط بتقديم مبادرة الحكم الذاتي كأساس وحيد وأوحد لتسوية النزاع حول الصحراء، وإن كانت غير رسمية.

المسودة الأمريكية الأولية المقدمة لمجموعة “أصدقاء الصحراء الغربية” حملت تحولا كبيرا وواضحا إرتبط بالموقف الأمريكي الداعم لمغربية الصحراء وإعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء أساسا عماده مبادرة الحكم الذاتي بعيدا عن أية مزايدات أو حلول أخرى قد تطيل أمد النزاع أكثر أو تطرح حلول أخرى مرفوضة تتجاهل الجهود الأممية المبذولة لتسوية النزاع، بيد أنها واقعيا تدفع بالأطراف نحو الحل مع نفاذ الصبر الذي سيصل سنته الخمسين دون حل.

المسودة في لغة مجلس الأمن

يحظى مجلس الأمن الدولي والأعضاء بقواعد عمل وإجراءات واضحة تختلف بإختلاف نوعية الإجراء والغاية منه، وفي حالة ما يتم تداوله من مسودة أمريكية حول نزاع الصحراء يتوجب الإلمام بما تعنيه المسودة في عمل مجلس الأمن وعلى ماذا تحيل.

المسودة في لغة مجلس الأمن وإجراءاته تعد وثيقة أولية يقدمها أحد الأعضاء حول نزاع أو مسألة معينة، وتعني أيضا مشروع قرار، أي خطوطه العريضة المعروضة للنقاش على أعضاء مجلس الأمن في سبيل بحثه ووضعه في قالب قابل للإجماع أو قابل للتعديل أو حتى الرفض بصفة نهائية، قبيل التصويت عليه ليُصبح قرارا معتمدا ملزِما للأطراف المعنية بالمسألة وللمجلس.

الولايات المتحدة الأمريكية.. صاحبة القلم

عودتنا الولايات المتحدة الأمريكية طيلة السنوات الماضية على حصرية صياغة قرارات مجلس الامن الدولي حول الصحراء، وهي الصياغة التي كانت محكومة بأهواء الإدارات الأمريكية المتعاقبة والعلاقةت مع المغرب والجزائر أيضا، بين إستحضار لمسألة توسيع صلاحيات “مينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في فترة من الفترات، إلى مسألة التخفيف من حضور مصطلح “تقرير المصير” في بعض الأحيان.

الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، ومن خلال مسودتها الحالية المقدمة بداية الأسبوع الجاري باتت ترسخ موقفها بشكل واضح وجلي فيما يخص النزاع، كما أصبحت بشكل لا جدال فيه تكرس حصرية صفتها كـ “صاحبة القلم” فيما يخص قرارات النزاع، بل والأكثر من ذلك الصياغة دون تشاور لا مع الأعضاء الدائمين ولا غيرهم، ما جعل الإجماع فيما يخص القرارات حول الصحراء غير وارد البتة.

مسودة الولايات المتحدة الأمريكية.. إحالة على تطور المبادرة المغربية للحكم الذاتي

يحيل حصر الولايات المتحدة الأمريكية لحل نزاع الصحراء على مستجدات مرتبطة بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007، وهي المبادرة التي يجهل الكثير أُسسها أو إطارها القانوني، لاسيما على ضوء للتسريبات المتعلقة بالحضور الفرنسي فيها وإمكانية تنقيحها وتغذيتها بنموذج إقليم وراء البحار “بولينيزيا الفرنسية”، والذي يتيح لساكنة المنطقة ممارسة حقوقهم السياسية والإقتصادية وإختيار علم ونشيد وغير ذلك مع إحتكار السياسة الخارجية والنقدية من طرف فرنسا.

وعلى الرغم من عدم الإفصاح عن مستوى هذا التنقيح الذي قد يكون مرتبطا بالمبادرة المغربية المقدمة سلفا، ومدى حضور النموذج الفرنسي في بولينيزيا أو غيرها فيها، بيد أن كافة النماذج والحلول تمر حصرا عبر قناة السيادة المغربية، وهو ما يشكل أساسا من ثوابت المملكة المغربية ومسعى يضع المسؤول الشرقي عن تغذية النزاع في مأزق حقيقي ورهين تنازلات قد يقدمها لإستمراره.

هذا المستجد فيما يخص المبادرة المغربية للحكم الذاتي فتح الباب أمام الإدارة الأمريكية لصياغة قرار يتسق في مجمله مع التصور المغربي لتسوية النزاع، كما أن التمسك المغربي بمبدأ مغربية الصحراء وتصلب موقفها الوطني وحشد الدعم الدولي ووصول الداعمين لـ 110 دول سهّل على الولايات المتحدة الأمريكية طرح المبادرة كقاعدة لتسوية الملف في المسودة الأولية المتداولة.

المسودة الأمريكية… مواجهة مباشرة مع روسيا والصين

من المنتظر أن لا تمر المسودة الأمريكية لقرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء مرور الكرام دون رد د فعل، إذ من المرتقب أن تتحول المناقشات خلف الكواليس إلى معركة لتكسير العظام بين الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي، لاسيما روسيا أولا والصين بشكل أقل.

المسودة الأمريكية وإن كانت أولية وغير نهائية أو حتى غير كاملة ستجد أمامها مجموعة من العراقيل التي لن يتوانى الجانب الروسي والصيني في وضعها، خاصة وأن مواقفهما فيما يخص النزاع لم يطرأ عليها تغيير، في الوقت الذي زار فيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، موسكو وبكين قبل أيام دون أن يُكشف عن أي تحول في مواقف البلدين.

الدور الروسي والصيني في نزاع الصحراء لا يمكن إغفاله نسبة للعلاقات التي تربط هذه الدول بالجزائر التي ستُسخر غاليها ونفيسها ومواردها في سبيل عرقلة تماهي القرار القادم لمجلس الأمن حول النزاع مع المسودة الأمريكية وخدمة مصالحها، لذا فالنظام الجزائري سيضع بيضه في سلة واحدة من أجل “ڤيتو” روسي أو صيني في جلسة يوم الخميس الموافق لتاريخ 30 أكتوبر المقبل الحاسمة، ما قد يُفسد ما حضّرت له الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا قصد إنهاء خمسين سنة من النزاع.