سفير فرنسا السابق فالجزائر: هذوك الناس مراض بالمغرب وشبعانين غيرة وحسد من جهتو
حميد زيد – كود//
كل حديث عن اللحم في الوقت الحالي. وعن سعره المرتفع. مجرد شعبوية.
فاللحم خال من الروح.
اللحم خال من العمق.
اللحم بكل أنواعه. والبكري. والغنمي. والمعزي. يخاطب الغريزة.
اللحم يكرس الجهل.
اللحم يخاطب البطن.
اللحم غير عقلاني.
اللحم لا يجب أن يكون موضوعا لأي نقاش سياسي.
كما لا يجب تحليله.
ولا يجب على الخبير أو الفاعل السياسي النزول إلى مستواه.
ومن حسن حظنا أن لنا نخبة سياسية وإعلامية واعية. تميز بين الموضوعات التي تهم حقيقة المواطن المغربي. وبين تلك التي تخطاب غريزته.
لذلك لا حديث عن هذا الموضوع التافه والسطحي في المغرب.
ولا سقوط في قاع ارتفاع الأسعار.
فنحن لا نهتم إلا بالعمق.
لكن هناك من يريد أن يجرنا إليه.
ورغم أننا بلغنا نصف نهائي كأس العالم. وتألقنا. وصرنا من أقوى وأعظم الأمم. وأصبحنا أكاديميين. فهناك من يلح على الحديث عن اللحم. والطماطم. والبصل.
هناك من يريد تحويل المشهد السياسي المغربي إلى مطبخ.
وإفراغ السياسة من طابعها الروحاني.
واختزالها في الأكل. والشبع.
هناك من يريد تجويعها.
هناك من يستثمر في الشعبوية.
والحال أن كل الخضروات شعبوية.
والزيت أيضا.
فلا يغرنكم نشيشه.
وكذلك هذه الفضائح التي تحدث في المغرب. فهي الأخرى غارقة بدورها في الشعبوبة.
والذين يكشفونها شعبويون.
ولأننا نتوفر على نخبة سياسة ناضجة.
وعلى معارضة في المستوى.
وعلى حكومة لا تتكلم من أجل الكلام. بل بالفعل وبالإنجازات.
وعلى دولة اجتماعية آخذة في التشكل.
فلا أحد سقط في فخ نقاش غلاء الأسعار. ولا أحد احتج. ولا أحد اهتم بالموضوع.
ولا أحد تطرق إلى شركة مهدي بنسعيد وزير الثقافة.
ولا أحد استغرب.
ولا أحد تحدث عن تضارب المصالح.
ولا أحد تساءل من أين لوزير شاب كل هذه الأموال ليستثمرها في شركة لصناعة السيارات.
فهذه كلها أمور شعبوية. ولا يجب النزول إليها. ولا يجب التفكير فيها.
ومن الأفضل نسيانها.
وقد صار العقل المغربي يتجنبها.
صار الجميع ناضجا في المغرب.
ويتجنب اللحم. ويتجنب التطرق إلى أي موضوع سياسي يخص وزيرا ثقافيا.
وبالنظر مليا إلى الفساد نكتشف أنه هو الآخر شعبوي.
ولا يستحق أي اهتمام منا.
والاحتجاج شعبوي.
وأي بديل لهذا الفراغ هو أيضا شعبوي.
والأحزاب المستقلة فكرة شعبوية.
والصحافة المستقلة فكرة شعبوية.
والرأي شعبوي.
فمع بلوغنا نصف نهائي كأس العالم أصبحنا نعيش في بحبوحة.
وصار لنا برد أوربي.
وسقط عندنا ثلج اسكندنافي في فكيك وبوعرفة.
أصبحنا عالما أول.
أصبحنا غربا.
وقد اكتملت الدولة. ولم تعد في حاجة إلى أحد.
وجاء الرخاء.
وجاءت الأمجاد.
ومن العيب أن نعود إلى الخلف وإلى مخاطبة البطن .
كما لم نعد مستعدين أبدا إلى العودة إلى مشاكلنا الحقيقية.
وإلى فسادنا.
وإلى تخلفنا.
وإلى نواقصنا.
وإلى إخفاقاتنا.
ولم نعد نقبل أن نتحدث عن اللحم.
ولا عن من يلتهمونه.
ومن ينظر إلينا
ومن يتأمل حالتنا
وحكومتنا. ومعارضتنا. يظننا شعبا من الأرواح.
شعبا يحلق في بلاد
كل ما فيها مكتمل وجيد ونصف نهائي.