خالد أيت الرايس – كود//
في شكل تصعيدي يعكس العمى الاستراتيجي والاستهتار بالمصلحة الوطنية، قام مجموعة من الكوفيين المغاربة من المحسوبين على الإسلام السياسي واليسار القومي العروبي، بمحاولة الهجوم على أهم موانئ في البلاد بكل من الدار البيضاء وطنجة.
في معظم أرجاء العالم المتحضر، بما في ذلك الدول التي تصدر السلاح لاسرائيل، يتظاهر المواطنين رافعين شعارات تدعو للسلم وانهاء الحرب وحماية المدنيين دون التجرؤ على ضرب أسس الاقتصاد. إلا أن الكوفيين المغاربة رأي آخر.
الكوفي دعا إلى الإضرار بالنشاط اللوجستي الوطني معتمدا على اخبار كاذبة تتهم احدى أهم ناقلات الحاويات في العالم بأنها تنقل عتادا حربيا إسرائيليا.
وتناقلت وسائل إعلام وطنية وعربية تحابي الإسلام السياسي هذا الخبر دون تحقق، إلى أن كذبت الشركة الخبر وهددت بمتابعة من ينشره. إلا أن الكوفي مصر على مواصلة اتهام الشركة واستهداف الموانئ المغربية.
الموانيء تعتبر عادة أهداف عسكرية لأنها تسمح لأي بلاد بإعادة التموين. والمغرب لا يسبح فوق بحيرات الغاز والبترول لكنه استطاع بأموال دافعي الضرائب تشييد أهم ميناء في البحر الأبيض المتوسط والذي حاول الكوفيين عرقلة السير فيه غير آبهين بمصالح البلاد والعباد، وهم بذلك يخدمون عن بعد مصالح نظام التبون ومنافسي ميناء طنجة في شمال البحر المتوسط.
أن تختار مايرسك وغيرها من الشركات الهامة في التجارة العالمية ميناء طنجة هو اعتراف بالتنافسية اللوجستية للبلاد أمام منافسين من الضفة الاخرى حيث مظاهرات التضامن مع فلسطين تتميز بخطاب انساني، عوض الخطاب العرقي الديني الداعي إلى “مواصلة المقاومة” الذي يحمله الكوفيون المغاربة.
ولندفع بالنقاش إلى أقصى حد. حتى وان افترضنا جدلا أن السفينة تحمل عتادا حربيا وقد رست في مينائنا، أليس هذا طبيعيا بحكم التحالف العسكري الذي يجمعنا بأمريكا وإسرائيل وغيرها؟ أليس التحالف العسكري مع أمريكا واسرائيل مهما للمغرب لجعل موازين القوى في صالح المغرب في سياق اقليمي مضطرب تدق فيه الجزائر طبول الحرب مع قرب انهاء مشكلة الصحراء؟
لكن الكوفي ذو العقل المتكلس يرفض أن يرى الواقع من منظور مصلحته الوطنية ومستعد لمواصلة الصراخ في الشارع مدى الحياة ولو كان ذلك بناء على أخبار كاذبة، ولو كان ذلك على حساب مصلحته، لأنه بالنسبة للكوفيين تكمن أهمية القضية الفلسطينية العادلة في استعمالها كوسيلة تعبئة جماهيرية لتصفية حسابات سياسية مع الدولة التي هي ملكنا جميعا ومن حقنا انتقاد سياساتها داخليا مع تحصينها خارجيا ولو تطلب ذلك عقد تحالفات لايتفق معها الكوفي المستلب.
استهداف الكوفي للمصالح الاستراتيجية ادى إلى أثر عكسي، حيث إنه كان يعتقد أن تصعيده سيدفع بالأغلبية الصامتة للالتحاق به، إلى أن جائه رد الشارع على شكل صفعات في وسائل التواصل الاجتماعي من مواطنين بهوياتهم الحقيقية وصورهم. لكن الكوفي لا يعقل، بل يتمادى في غيه واصفا الغيورين على البنى التحتية ومصالح البلاد الاستراتيجية بالذباب وغيره من الأوصاف القدحية التي يتقنها الكوفي.
العلاقات الدولية ليست مجالا للشعارات والصراخ في الشارع ودغدغة العواطف، إنها مسألة حيوية بالنسبة لنا ككيان اسمه المغرب، وما أقدم عليه الكوفيون من تحريض ضد نشاط أهم موانئ مغربية، عمل يراقبه ويدعو له أعداء الوطن في الخارج بارتياح. على الكوفيين أن يدركو أن حمل معاول الهدم ضد التحالفات الخارجية للمغرب لايخدم مصالحنا الوطنية كمواطنين نعيش في عالم آخذ في التحول نحو نظام عالمي جديد سيعرف حروبا بالوكالة بين القوى الكبرى وعلينا الاستعداد لذلك ولو عن طريق عقد تحالفات عسكرية قد لا تروق للكوفي المستلب. من حق الكوفي أن يتضامن بالشكل الذي يريد لكن ليس من حقه تعطيل المرافق الاستراتيجية ولا فرض منظوره التضامني على غيره.