هشام نوستيك كود//
تعريف الحمق هو أن تعيد التجربة مرارا ثم تنتظر نتائج مختلفة. هجوم يوم السبت الذي أسمته حركة المقاومة الفلسطينية طوفان الأقصى، مع أنه مفاجئ في نوعيته ونجاعته فإنه لا يختلف عن باقي الهجومات التي لن يجني وراءها الأبرياء إلا الخراب. لماذا إذن تكرار أخطاء الماضي؟ هل تظن المقاومة حقا أنها تستطيع القضاء على إسرائيل أو تحقيق أي مكاسب حقيقية على أرض الواقع؟ بالتأكيد لا. هم ليسوا أغبياء لهذه الدرجة. هذا الهجوم له أهداف رئيسية وورائه “أجندات” سياسية منها المعروف ومنها المخفي. لن نغوص في نظريات المؤامرة لكن المنطق يقول إن أردت معرفة الحقيقة فتتبع المال. المال هنا هو ما تحصل عليه المقاومة من مساعدات، منها المشروط ومنها اللا مشروط. إبقاء فتيل القتال مشتعلًا يبقي صبيب الأموال جاريا.
لُعْبَة الأموال هاته لُعْبَة خطرة يستفيد منها القليلون ويذهب ضحيتها من لا ناقة لهم ولا جمل في صراع وضعتهم فيه الأقدار.
مخطئ من يظن أن إسرائيل لم تعلم شيئا عن هجوم بهذا الحجم. أضعف “مقدم” في حي صغير من أحياء المغرب كان سيعلم بما يدبر له، فمَا بالك بالموساد. الذي حدث غالبا هو أن إسرائيل سمحت للمقاومة بتنفيذ الهجوم لأنه مفيد على المدى البعيد. عواقب هذا الهجوم ستظهر قريبًا جدا النيات الإسرائيلية.
ما حدث يذكرني بضربات نيويورك 2001، مع الفارق بطبيعة الحال. الأمريكان كانوا يعلمون جيدا أن الهجوم قادم، كما أكدت ذلك المخابرات الألمانية، لكنهم لم يفعلوا شيئا. بعدها تم اجتياح أفغانستان والعراق وأصبحنا نتحدث عن العالم قبل هجمات نيويورك وبعده.
لا شك أن العدو المشترك هو إيران، عدو إسرائيل والسعودية وصديقتهما الولايات المتحدة الأمريكية. طوفان الأقصى حسب تحليلات كل المختصين لم يكن فلسطينيًا مئة بالمئة، بل كانت لمسة طِهران حاضرة بقوة. ربما علم إسرائيل بهذا جعلها تفسح المجال، بالتشاور مع حلفائها، للمقاومة لتحقيق طوفان مؤقت يتبعه تسونامي يأتي على الأخضر واليابس ويضرب مصالح إيران في مقتل.
هذا السيناريو ليس مستبعدًا، بل هو الأقرب للحقيقة على ضوء المعطيات التي بحوزتنا والتاريخ الذي يكرر نفسه.
بينما تنتظر المقاومة الفلسطينية خروج الحليب وبينما بدأت إسرائيل في تنفيذ مخططها، وجدت قناة الجزيرة فرصة جديدة لدغدغة مشاعر المغيبين وجني الدولارات السهلة. سنعيش في المدّة القادمة على البكائيات والشعارات والكرامات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأنا كل تفكيري في قرابة العشرين ألف غزاوي الذين سمحت لهم إسرائيل مؤخرًا بالعمل فيها يدخلون ويخرجون دون مشاكل. كيف كان حالهم يوم السبت وأبناء جلدتهم يحرمونهم من لقمة العيش.