من المحتمل أن يثير "الفوضويون" الفتنة يوم الاحتفال الوطني بزواج الأمير والأميرة، هذا ما تؤكده شرطة سكوتلانديار بشكل قاطع، وذلك أثناء عقد حفل قران كيت ميدلسون بالأمير وليام في التاسع والعشرين من أبريل.
فقد سبق لمجموعة " نيتوورك إكس" أن أخبرت جريدة "الصان" أنها تنوي التشويش على الجو الاحتفالي بالشهب الاصطناعية والاعتصامات، كما أعلنت على نيتها صنع فرس من الخشب بطول خمسة أمتار كرمز للعائلة الملكية، والذي سيتم إحراقه في الشارع العام.
تأخذ الشرطة في لندن هذه التهديدات على محمل الجد، وتخشى أعمال عنف مثل تلك التي ارتكبت خلال المظاهرات ضد تخفيض الميزانية العامة في 26 مارس، أو تلك التي قام بها الطلبة ضد قرار مضاعفة نفقات التسجيل الجامعي خريف 2010.
كانت الصور قد بثتها القنوات التلفزيونية ونشرت في الصحف الدولية: شباب يغطون وجوههم بأقنعة ويكسرون واجهات الأبناك ويهجمون على بالاس ريتز في قلب العاصمة أو على مقر الحزب المحافظ، دون نسيان الهجوم الذي قاموا به على سيارة رولس رويس كان على متنها الأمير شارل وريث العرش، وزوجته الثانية دوقة كورنويل.
هؤلاء "البلاك بلوكس" أو الكتل السوداء كما يطلق على تلك التجمعات غير المنظمة والعرضية لنشطاء يرتدون الأسود ويخرجون على هامش المظاهرات المرخص لها، ينعتون الآن في المملكة المتحدة بالفوضويين.
يتحدث أليكس ريشارد أستاذ العلاقات الدولية بانزعاج ويقول" كلما كان هناك عنف يتم وصم الفوضويين دون أن يتم التساؤل ولو للحظة ماذا يعني أن تكون فوضويا، ولا لماذا هم بالفعل جمهوريون وأيضا ضد الدولة والرأسمالية".
أستاذ العلاقات الدولية في "لندن سكول أوف إيكونوميكس" هو نفسه فوضوي يبلغ من العمر 35 سنة وقام بإنجاز أطروحة حول برودون، ويؤكد بأن "هناك بالتأكيد فوضويون في ما يحدث، إلا أن الأمر لا يقتصر عليهم وحدهم".
كان هناك مثلا في ميلبانك أولاد حضروا للتعبير عن غضبهم، إلا أنهم لم يكونوا فوضويين، كما تم تحديد آخرين من بين الذين أثاروا الفوضى، منخرطين في عصابات وفي جماعات هوليغانز قادمة من الضواحي. كتبت سوزان مور في الغارديان"إن نعت فوضوي أصبح اختزالا كسولا للإشارة إلى كل شخص يثير الفوضى، وأكد أليكس ريشارد أن"وسائل الإعلام تخلط بين العنف والفوضوية"، وحتى لو أن العمل المباشر هو النقطة المركزية عند جماعة تسعى إلى استرجاع الناس لقدرتهم على التصرف في حياتهم ، هذه القدرة التي تستحوذ عليها في الغالب الدولة أو المقاولة، في شكل عنف منظم، كما يؤكد ذلك أستاذ العلاقات الدولية.
في استطلاع للرأي أجري في الأنترنت ما بين فترة أبريل ويونيو 2010 وشارك فيه 2504 من الفوضويين، ينتمون إلى أوربا وأمريكا الشمالية، أكد عموما على هذا التحليل، فالأشخاص المستجوبون أكدوا أنهم يؤمنون أكثر بوضع هياكل جماعية على شكل تعاونيات مختلفة يتمتع فيها الأفراد بالقدرة على التحكم في مصيرهم، ولا يؤمنون بالعنف لبلوغ أهدافهم.
وحين وجه إليهم سؤال حول "التكتيك الأكثر فعالية"، كان جوابهم"الانتظام في مجموعات عيش مشترك"، ولم يأت اختيار مسار الكتل السوداء إلا في المرتبة الأخيرة.
ساعد استطلاع الرأي أيضا على رسم صورة تمثيلية للفوضوي المتوسط، مع كل الاحترازات التي تتطلبها محاولة من هذا النوع ، لأن هناك مدارس متعددة داخل هذه الحركة، فالفوضوي ينتمي في الغالب إلى الطبقة المتوسطة(5،65 في المائة من الحالات) وهو شاب بالأولى(63 في المائة تتراوح أعمارهم بين 21 و35 سنة)، وفي أغلب الحالات أبيض(5،88 في المائة)، وحاصل على شهادة تعليمية، ويشتغل غالبا في مهن التربية والإعلام.
يرى أليكس ريشارد أن "الفوضويين استعادوا قوتهم منذ سنوات التسعينيات"، معتبرا أحداث سياتل سنة 1999 نقطة الانطلاقة: فلأول مرة يتجمع مناصرو العولمة البديلة بكل أطيافهم بمناسبة قمة المنظمة العالمية للتجارة، حيث" يمكن الحديث عن نمو تصاعدي، إلا أنه ومادام ذلك لم يأت أكله، فإن الظاهرة تظل هامشية جدا".
لقد تغذت هذه الحركة في المملكة المتحدة خصوصا على التدخل العسكري البريطاني في العراق، ورغم المليون بريطاني الذين خرجوا للتظاهر في الشوارع ضد الحرب عام 1993 فإن توني بلير لم يغيره رأيه.
يقول رايت(اسم مستعار)، وهو أستاذ شاب لم يبلغ الثلاثين، التقته جريدة الغارديان أثناء مظاهرات البلاك بلوك في 26 مارس"لقد تأكدنا بأن القرارات السياسية في هذا البلد لا يتم اتخاذها انطلاقا من نتائج النقاش الدائر"، حيث سيكون هذا الشخص بالتأكيد حاضرا في الشارع ولن يخلف موعد 29 أبريل.