حميد زيد – كود//
يكفي أن يذرذر الشرق الفستق على أي شيء فيتهافت المغاربة عليه.
وقد ذرذروه قبل سنوات على كتاب “نظرية الفستق”. فقرأه المتعلم وغير المتعلم.
وبيع من نسخه كما لم يبع من نسخ كتاب من قبل.
وقد انتبه أصحاب المشاريع الفكرية والتجارية والربحية لأثر الفستق على الإنسان في هذه المنطقة.
فصاروا يرشّون به أي شيء.
وها هو المغربي يتزاحم عليه.
ويقف في طوابير طويلة لشراء شوكولاتة دبي التي دخلت دون مقاومة.
مجربا صناعتها في البيت.
و التي يكمن سرها هي الأخرى في حشوة الفستق.
ثم جاء “بلبن” فاتحا.
وبمجرد أن فتح فرعا له بالدار البيضاء. حتى خرج الشباب. والمراهقون. والبنات. أفواجا من تي توك. وإنستغرام. ومن النواحي.
متزاحمين.
قاطعين المسافات الطويلة.
ليحصلوا على حليب رائب ومحلى و مرشوش بفستق مجروش.
وقد كنا نحذر في الماضي من الموت القادم من الشرق.
ومن الإسلام المتطرف القادم من الشرق.
ومن المد الوهابي القادم من الشرق.
ومن الذوق القادم من الشرق.
ومن الإيديولوجية القومية القادمة من الشرق.
ومن الاستبداد القادم من الشرق.
إلى أن جاء الفستق. وجاء الرايب. وجاءت حلا خشخش. فسلبوا عقول شبابنا. وجعلوهم يخرجون عن بكرة أبيهم.
رغم أنهم يعيشون في بلاد لا يخلو فيه زقاق أو حي من محلبة وبائع زريعة.
لكن يبدو أن للفستق مفعولا سحريا.
وأن المستلب به
لم يعد يعيش في الواقع الذي نعيش فيه.
ولم يعد له نفس ذوقنا.
ولا نفس حاجياتنا.
ولا نفس ثقافتنا.
ولا نفس مطبخنا.
ومع أن المغربي الجديد يسكن معنا و بين ظهرانينا
فإنه حبيس عالمه الخاص
وحين يخرج من تيك توك
فإنه يفعل ذلك مضطرا. وفقط ليتهافت على شوكلاتة دبي
وعلى “بلبن”
وعلى حلا خشخش.
وبعد أن يحصل على حصته من الفستق الذي يذرذره الخليج على لسانه.
وعلى رغباته.
يعود إلى تيك توك
إلى أن تظهر حلوى جديدة
أو قشدة
أو كتاب مفستق
فيخرج إلى الشارع. ونراه في طابور طويل. قادما من كل الأحياء.
ومن كل المدن
ثم يختفي من جديد. عائدا إلى مسكنه. في تيك توك
مثيرا حيرة واستغراب سكان المغرب القدامى
الذين لم يتفستقوا بعد.
ولم يستوعبوا كل هذه الخفة التي صارت تميز المغربي في هذا العصر العجيب.