الوالي الزاز -كود- العيون////
[email protected]
أبلغت فرنسا رسميا الجزائر بقرارها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي كأساس لتسوية نزاع الصحراء، وفق ما أعلنت عنه الخارجية الجزائرية اليوم الخميس الموافق لتاريخ 25 يوليوز في بيان رسمي حمل الكثير من التمادي في حق باريس وقاموسا مليئا بالحقد الدفين للمملكة المغربية ووحدتها الترابية.
وعلى الرغم من عدم وجود أي توضيحات أو بيان رسمي حول القرار، لاسيما من طرف المملكة المغربية أو حتى فرنسا، إلا أن النظام الجزائري إختار مقاربة إستباقية للضغط على فرنسا ولعب آخر أوراقه للتشويش على القرار الفرنسي وحتى العلاقات المغربية الفرنسية.
العلاقات المغربية الفرنسية.. سنوات من المطبات
مرت العلاقات المغربية الفرنسية خلال الأربع سنوات الماضية بعديد المطبات التي كادت تخسف بها، وذلك نتيجة تردد باريس في دعم السيادة المغربية على الصحراء بشكل صريح بعيدا عن إعتماد الإزدواجية في المواقف، وإعراضها عن المجاهرة بموقف واضح يؤكد إنخراطها في مسلسل الإعتراف الدولي بمغربية الصحراء على غرار الولايات المتحدة وإسبانيا والمانيا وغيرها.
هذه المطالبة بالإعتراف الفرنسي الصريح بمغربية الصحراء أطرها خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2022، والذي أشار لفرنسا بشكل غير مباشر عندما طالب الملك الدول من “شركاء المغرب التقليديين والجدد، والتي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”، مؤكدا أن ملف الصحراء “هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
العلاقات المغربية – الفرنسية.. إنفراجة بعد زيارة سيجورني
إلتقطت الحكومة الفرنسية إشارات الملك في خطابه بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب، لتتحول مباشرة نحو إعادة بناء علاقاتها مع المغرب من هلال التراجع عن عدة إجراءات غير ودية تجاه المملكة المغربية، خاصة مسألة الحد من التأشيرات، قبل ان تتحول للسرعة القصوى من خلال تنظيم زيارات رسمية لمسؤولين فرنسيين للمملكة المغربية.
عرفت العلاقات المغربية الفرنسية إنفراجة واضحة ما بعد زيارة وزير الشؤون الخارجية الفرنسية، ستيفان سيحورني بتاريخ 26 فبراير 2024، إذ بعثت تصريحاته على حالة من الطمأنينة، إذ أكد بعد لقائه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، أن ملف الصحراء يعد ” أبرز نقطة في زيارتي إلى المغرب، ويجب على الرباط التعويل على باريس وموقفها الواضح إزاء دعم مبادرة الحكم الذاتي”.
هذه التصريحات بعثت الدفئ في العلاقات المغربية، قبل أن تُغذي فرنسا ذلك الدفئ بزيارة أخرى لوزير داخليتها، جيرالد دارميان للمغرب في أبريل 2024، وكذا زيارة وزير التجارة الخارجية لفرنسا، فرانك ريستر، للرباط شهر ابريل 2024، والتي تمت الإشارة على هامشها لإستعدادٍ فرنسي للإنخراط في تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة من خلال الإستثمار في مشروع الكابل الكهربائي الدار البيضاء – الداخلة.
العلاقات المغربية الفرنسية.. دعم فرنسا لمبادرة الحكم الذاتي قناة حصرية لزيارة ماكرون
إعتمدت المملكة المغربية طيلة حالة النفور التي كبعت علاقاتها مع باريس لغة الصمت والتجاهل في التعاطي مع فرنسا، وذلك على ضوء شرطها الواضح والمحدد الأساسي الذي وضعه الملك محمد السادس للسير بالشراكات مع مختلف الفاعلين الدولين نحو بر الامان والتطوير، والذي يمر حصرا عبر الإصطفاف إلى جانب الوحدة الترابية للمملكة المغربية والمجاهرة بذلك.
لغة التجاهل التي إستلهمتها المملكة المغربية وشرط دعم مغربية الصحراء أوصد كل الأبواب أمام فرنسا لتحقيق التقارب مع المملكة المغربية، ما إستدعى تدخل الرئيس الفرنسي واقتراحه زيارة المغرب سنة 2022 وإعلان الخارجية الفرنسية عن زيارة أخرى في 2024 دون أن يتمكن من ذلك، بحيث تعطلت بشكل نهائي للسبب المعروف والغضبة المغربية الممتدة ما دام الإعلان الفرنسي الداعم لسيادة المغرب على الصحراء متأخرا.
ويبدو أن البيان الجزائري اليوم بات فاتحة خير على فرنسا، إذ كشف النوايا الفرنسية المتعلقة بدعم مغربية الصحراء، والتي من المرجح ان تنهي كافة الإكراهات التي تواجهها العلاقات الفرنسية النغربية، وتؤشر على زيارة قادمة للرئيس إيمانويل ماكرون للمملكة المغربية ليتم الإعلان فيها بشكل رسمي عن الدعم الفرنسي للمغرب ووحدته الترابية على شاكلة الدعم الإسباني لمغربية الصحراء وزيارة رئيس الحكومة، بيدرو سانشيث.
القرار الفرنسي.. عدا دعم الحكم الذاتي فرنسا ملزنة بقنصلية وإستثمارات في الأقاليم الجنوبية
يحيل البيان الجزائري الإستباقي حول الدعم الفرنسي لمغربية الصحراء على وضع باريس آخر اللمسات لتوجهها القاضي بالإعتراف بمغربية الصحراء، بيد أن المملكة المغربية يقظة فيما يخص هذا الدعم الذي يجب أن لا يتوقف عند الحد الدبلوماسي المرتبط بالبيانات أو التصريحات، خاصة وأن باريس لطالما أكدت دعمها للمبادرة المغربية، بل وجسدتها بطرق غير مباشرة من خلال تحركات لصالح المغرب في الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، يجب أن ينعكس القرار الفرنسي على أرض الواقع من خلال الأجرأة الفعلية المرتبطة أساسا بفتح قنصلية في الاقاليم الجنوبية للمملكة والتفعيل الحقيقي لتصريحات مسؤوليها المتعلقة بالإستثمار في الصحراء عبر الكابل البحري الدار البيضاء- الداخلة، والمشاركة من قريب في تنمية مدن الصحراء، وإعتماد خطاب صريح في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.